الآية رقم (60) - إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

(لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ): اختلف العلماء من هو المسكين ومن هو الفقير، بعضهم قال: بأنّ الفقير هو الّذي لا يملك شيئاً، وسمّي فقيراً؛ لأنّ فِقار الظّهر تكون منحنيةً من شدّة الفقر والحاجة والعِوز، أمّا المسكين فهو الّذي يملك ما لا يكفيه، واستدلّوا بذلك على السّفينة الّتي ذُكرت في سورة (الكهف)، وكانت لمساكين يعملون في البحر: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)   [الكهف]، وبغضّ النّظر عن الاختلاف في تعريف الفقير والمسكين، المهمّ بأنّ مصارف الزّكاة كما بيّنها القرآن الكريم هي للمحتاجين من الفقراء والمساكين، فهؤلاء أوّل من يُصرف عليهم من أموال الزّكاة.

وبالتّأكيد فإنّ الأيتام والمحتاجين تحت عنوانٍ واحدٍ، وهو عنوان: الفقير والمسكين، فالمجتمع الإيمانيّ هو مجتمعٌ متعاضدٌ متكاتفٌ كما بيّن النّبيّ :: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى»([1])، ليست هي كلماتٌ وإنّما هي أفعالٌ، والإنفاق على ذوي الحاجات أمرٌ من فطرة الإنسان، لكن في الإسلام هناك فرضٌ على كلّ مسلمٍ يملك النّصاب، وإذا امتلك النّصاب ومرّ عليه الحول؛ أي عامٌ، يُخرج الزّكاة، وبيّن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زكاة المال بأنّها اثنان ونصف بالمئة، وهناك زكاة الزّروع وغيرها… وجاء تفصيلها في أبواب الفقه ولسنا بصددها الآن.

إِنَّمَا: كافة ومكفوفة.

الصَّدَقاتُ: مبتدأ مرفوع.

لِلْفُقَراءِ: متعلقان بمحذوف خبر.

وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ: معطوفة على الفقراء.

عَلَيْها: متعلقان باسم الفاعل قبلهما.

وَالْمُؤَلَّفَةِ: اسم معطوف.

قُلُوبُهُمْ: نائب فاعل للمؤلفة.

وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ: أسماء معطوفة.

فَرِيضَةً: مفعول مطلق لفعل محذوف. أي فرض الله ذلك فريضة.

مِنَ اللَّهِ: متعلقان بفريضة.

وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ: لفظ الجلالة مبتدأ وعليم حكيم خبراه والجملة مستأنفة.

إِنَّمَا الصَّدَقاتُ: الزكوات المفروضة مصروفة لهؤلاء الثمانية، أفادت اللام وجوب إعطائها لهم، وأنها مختصة بهم لا تتجاوزها إلى غيرهم، فظاهر الآية يقتضي تخصيص استحقاق الزكاة بالأصناف الثمانية ووجوب الصرف إلى كل صنف وجد منهم، ومراعاة التسوية بينهم بسبب الاشتراك في الحق.وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه.

وعن عمر وحذيفة وابن عباس وغيرهم من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين جواز صرفها إلى صنف واحد، وبه قال الأئمة الثلاثة.والمعنى: إنما الزكوات مستحقة لهؤلاء المعدودين دون غيرهم، وهو دليل على أن المراد باللمز في الآية السابقة لمزهم في قسم الزكوات دون الغنائم.