الآية رقم (60) - إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

(۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ): بيّن الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات مصارف الزّكاة، لكن قد يسأل سائلٌ: هل المقصود هنا الصّدقة أو الزّكاة؟ الجواب: بالتّأكيد الزّكاة، فبما أنّ هناك مصارفٌ فإذاً هي زكاةٌ وليست صدقةً، فالصّدقة تدفعها لأيّ إنسانٍ، وهي سنّة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهي إحسانٌ وزيادةٌ في الخير، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [الذّاريات]، وفي آيةٍ أخرى يقول سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)  [المعارج]، فحين يُحدّد بقوله: (حَقٌّ مَّعْلُومٌ) فهي زكاةٌ، أمّا إذا لم يكن محدّداً وأُطلق فإنّه صدقةٌ، فإذاً هنا من تتمّة الآية نعرف أنّ الصّدقة هنا المقصود بها الزّكاة، و(إنّما) أداة حصرٍ؛ أي مصارف الصّدقات محصورةٌ بالأصناف الآتية:

إِنَّمَا: كافة ومكفوفة.

الصَّدَقاتُ: مبتدأ مرفوع.

لِلْفُقَراءِ: متعلقان بمحذوف خبر.

وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ: معطوفة على الفقراء.

عَلَيْها: متعلقان باسم الفاعل قبلهما.

وَالْمُؤَلَّفَةِ: اسم معطوف.

قُلُوبُهُمْ: نائب فاعل للمؤلفة.

وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ: أسماء معطوفة.

فَرِيضَةً: مفعول مطلق لفعل محذوف. أي فرض الله ذلك فريضة.

مِنَ اللَّهِ: متعلقان بفريضة.

وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ: لفظ الجلالة مبتدأ وعليم حكيم خبراه والجملة مستأنفة.

إِنَّمَا الصَّدَقاتُ: الزكوات المفروضة مصروفة لهؤلاء الثمانية، أفادت اللام وجوب إعطائها لهم، وأنها مختصة بهم لا تتجاوزها إلى غيرهم، فظاهر الآية يقتضي تخصيص استحقاق الزكاة بالأصناف الثمانية ووجوب الصرف إلى كل صنف وجد منهم، ومراعاة التسوية بينهم بسبب الاشتراك في الحق.وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه.

وعن عمر وحذيفة وابن عباس وغيرهم من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين جواز صرفها إلى صنف واحد، وبه قال الأئمة الثلاثة.والمعنى: إنما الزكوات مستحقة لهؤلاء المعدودين دون غيرهم، وهو دليل على أن المراد باللمز في الآية السابقة لمزهم في قسم الزكوات دون الغنائم.