وعندما تحدّث القرآن الكريم عن الزّكاة قال للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التّوبة: من الآية 103]، فالزّكاة تؤخذ وليست هي منّةٌ ممّن يؤدّيها، هي تؤخذ؛ لأنّها حقٌّ معلومٌ لكلّ إنسانٍ محرومٍ وفقيرٍ ومسكينٍ في هذا المجتمع، والّذي يريد فعلاً أن يطرق أبواب السّماء فليطرقها بيد الفقراء، قال سبحانه وتعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ) [البقرة: من الآية 245]، وقال جلّ جلاله : (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة]، إذا كانت هذه الأرض الّتي هي مخلوقةٌ لله تبارك وتعالى أعطت سبعمئة ضعفٍ فكيف بخالقها عزّ وجلّ؟
(وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا): حتّى لا يكون هناك منٌّ على الفقير ولا سؤالٌ وحاجةٌ من قِبل الفقير للغنيّ، يكون هناك من يجبي الزّكاة وله أن يأخذ نسبةً منها كأجرٍ له.
(وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ): هذا المصرف للزّكاة كان لدفع ضرر أُناسٍ ومجموعاتٍ كانت في أيّام الإسلام الأولى؛ لأنّ الصّدقة والعطاء يُليّنان القلوب، والمعروف دائماً يترك أثراً في النّفوس غير المريضة، لذلك كان هناك في بداية أيّام الإسلام مصرفٌ من المصارف تُعطى لجماعاتٍ حتّى تُؤلَّف قلوبهم ويردّ ضررهم، وعندما وجد سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بأنّ هذا المصرف لم يعد موجوداً في زمانه أوقفه، ولكنّه رضي الله عنه لم يعطّل النّصّ.
(وَفِي الرِّقَابِ): إعتاق الرقبة كان موجوداً عندما كان هناك رقٌّ نتيجة الحروب، لكنّ الإسلام أنهى موضوع الرّقّ وصفّاه بالتّدريج، وجعل عتق الرّقبة في كلّ أمرٍ.