الآية رقم (277) - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

لا يُقبل الإيمان وحده دون عمل صالح، فالإيمان ليس بالتّحلّي ولا بالتّمنّي، ولكنّ الإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل، إذاً هات برهانك على الإيمان، وأوّل برهان على الإيمان أن تنفق ممّا أعطاك الله، قال سبحانه وتعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران: من الآية 92].

(وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ): أضاف ركنين من أركان الإسلام، ركن استدامة الولاء لله، ركنٌ دائمٌ لا يسقط عنك في حالٍ من الأحوال وهو الصّلاة؛ لأنّ الزّكاة تسقط عن الفقير، والحجّ لمن استطاع إليه سبيلاً، وهذا والصّوم يسقط عن المريض، إلّا الصّلاة: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) [النّساء: من الآية 103]،  الصّلاة لا تسقط لا بمرض ولا بغيره، فإن لم تستطع قائماً صلّيت قاعداً، وإن لم تستطع قاعداً فمستلقياً، وإن لم تستطع مستلقياً فبعينيك، فإن لم تستطع بعينيك أخطرت أركان الصّلاة على ذهنك، فإذاً لا تسقط الصّلاة في حال من الأحوال، والصّلاة مدخل إلى كلّ العبادات.

(وَآتَوُا الزَّكَاةَ): غالباً ما نجد أنّ الله سبحانه وتعالى يربط ركن الزّكاة بركن الصّلاة، (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النّور]، (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [المزمّل]، الصّلاة هي صلة مع الله وهي استدامة ولاء لله، والزّكاة هي برهان على صدقك مع الله تبارك وتعالى.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا: إن واسمها آمنوا ماض وفاعله والجملة صلة الموصول

وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة ومثلها الجملتان: «وَأَقامُوا الصَّلاةَ» «وَآتَوُا الزَّكاةَ» عطفعلى ما قبله

لَهُمْ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم
أَجْرُهُمْ: مبتدأ مؤخر والجملة في محل رفع خبر إن
عِنْدَ: ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من أجرهم
رَبِّهِمْ: مضاف إليه
وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ: ينظر في إعرابها الآية «274» .

أي إنَّ الذين صدقوا بالله ورسوله وبما جاءهم من الأوامر والنواهي، وعملوا الصالحات التي تصلح بها نفوسهم كمواساة المحتاجين، وإنظار المعسرين، وأقاموا الصلاة التي تذكّر المؤمن بربّه وتقرّبه إليه، وأتوا الزكاة المفروضة التي تساهم في تخفيف الفقر ومحبة الناس لبعضهم، لهم ثواب كامل مدّخر عند ربّهم الذي تعهدهم بالرّعاية في شؤونهم، ولا يخافون مما هو آت، ولا يحزنون على ما فات.

وخصّ الله تعالى الصّلاة والزّكاة مع شمول الأعمال الصالحة لهما، اهتماما بشأنهما لأنهما أعظم أركان العبادة العملية.