الآية رقم (73) - وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ

﴿ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ ﴾: مشارب جمع مشرب، والمراد القِرْبة الّتي كانوا يشربون بها، وتُصنع من جلود هذه الحيوانات، أو يُراد بالمشارب ما يُشرَب من ألبانها، واللّبن وإنْ كان يُشرب من الأنثى إلّا أنّ الذّكر سببٌ فيه، فلولا أنّها حملتْ ما كان منها اللّبن، ثمّ تُختَم هذه النِّعَم بقوله سبحانه وتعالى:

﴿ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾: هكذا بأسلوب الاستفهام ليجيبوا هم، فالله سبحانه وتعالى لا يقول لهم: اشكروني على هذه النِّعم، إنّما يقرّرهم: أهذه تستوجب الشّكر أم لا؟ ثمّ لو شكرتم فسوف تتعرّضون لعطاءٍ آخر وزيادة: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾[إبراهيم: من الآية 7]، فكان يجب عليهم أن يشكروا الله سبحانه وتعالى على نِعَمه، وأن تدعوهم هذه النِّعَم إلى الإيمان بهذا الإله الـمُنعِم الّذي يُوالي عليهم نِعَمه ظاهرةً وباطنةً، ولِمَ لا؟! والإنسان عبدٌ لمن يُحسِن إليه، فالله سبحانه وتعالى أنعم علينا بهذه النّعم كلّها، أفلا يستحقّ أنْ يُعبد ويُشكر؟! وليت الأمر ينتهي بهم عند حَدِّ عدم الشّكر، إنّما يقول القرآن الكريم عنهم:

الآية رقم (53) - إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ

﴿ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾: لا تتكرّر؛ لأنّ البشر هم الّذين يُكرّرون الفعل، ومعنى تكراره؛ أي أنّ الفعل الأوّل لم يكُنْ كافياً ولم يَفِ بالغرض منه، أمَّا هنا فالفاعل الله عز وجل.

﴿ فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾: لو عُدنا إلى الآية السّابقة: ﴿ وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس]، التّأكيد الّذي جاء بها، وهنا في قوله: ﴿فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾، إذا هنا فجائيّة، فبمجرّد الصّيحة أُحْضِروا جميعاً رغماً عنهم، ومن غير اختيارهم.

ومُحضر: اسم مفعول من أحضر، يعني: أُجبر على الحضور والمثول بين يدي الله سبحانه وتعالى للحساب. وفي الآية السّابقة قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾[يس]، فزادتْ ﴿كُلٌّ﴾ الدّالّة على شمول الأفراد، وقد يكون شمول الأفراد تتابعاً مجموعة تلوْ الأخرى، لكن هنا يأتون مجموعين ليشاهد التّابع متبوعه، والضّالّ مَنْ أَضلَّه… إلخ.

الآية رقم (54) - فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

﴿ فَالْيَوْمَ ﴾: اليوم؛ أي يوم القيامة، وهو اليوم الّذي يحاسَب فيه النّاس جميعاً.

كأنّ الحقّ سبحانه وتعالى يُطمئِن أهل الإيمان والعمل الصّالح، لا تخافوا من هَوْل القيامة؛ لأنّنا لا نظلم أحداً، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾[الأنبياء]، والجزاء عندنا من جنس العمل:

﴿وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾: هذا ليس الحساب وإنّما أعطى صورةً، ولا تظلم نفسٌ شيئاً، فأيّ إنسانٍ عمل عملاً سيرى جزاء عمله إن خيراً أو شرّاً، قال جل جلاله: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزّلزلة]. ثمّ يحدّثنا الحقّ سبحانه وتعالى عن جزاء أصحاب الجنّة، فيقول:

الآية رقم (55) - إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ

﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾: هذا المشهد المقابل لمشهد الّذين طغوا وتجبّروا، وانتقل إلى مشهدٍ آخر، إلى الّذين آمنوا.

﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾: الصّاحب يختار صاحبه ولا يفارقه، فأنت تختار الجنّة أو النّار، فهم أصحاب الجنّة؛ لأنّهم اختاروا الجنّة بعملهم، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ»([1]).

﴿ الْيَوْمَ ﴾: أي يوم القيامة.

﴿ فِي شُغُلٍ ﴾: نتوقّف عند هذه الكلمة، فبماذا هم مشغولون طالما أنّهم في الجنّة، وأهل الجنّة يُنَعّمون فيها كما وصف الحقّ سبحانه وتعالى؟ وإذا خطر ببالهم شيءٌ حضر أمامهم مباشرةً، فما هو الشّغل؟ جاءت هذه الكلمة مبهمة.

﴿ فَاكِهُونَ ﴾: يقال: فَاكِه وفَكِه يعني: متلذّذ ومُتنعِّم، ومنها: الفاكهة، فهي ليست من الضّروريّات، إنّما من التّفكُّه والتّلذّذ.

فعندما يتحدّث المولى سبحانه وتعالى عن الجنّة، فإنّه يتحدّث بما يقرّب للإنسان ما يحدث معه في الدّنيا، يقول سبحانه وتعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾[الرّعد: من الآية 35]؛ لأنّها ليست الجنّة بل كالجنّة، والجنّة كما وصفها النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»([2])، فلا يمكن للإنسان أن يعلم ما فيها إلّا بما أخبر به الله سبحانه وتعالى.

([1]) صحيح مسلم: كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها، الحديث رقم (2822).

([2]) صحيح مسلم: كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها، الحديث رقم (2825).

الآية رقم (56) - هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ

﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ﴾: حتّى يطمئنّ الإنسان، فالرّجل وزوجته لا يفترقان، وسيكونان معاً في الجنّة بإذن الله سبحانه وتعالى، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الرّوم: من الآية 21].

﴿ فِي ظِلَالٍ ﴾: الظّلّ يكون في الدّنيا من حرّ الشّمس، فكيف يكون في الجنّة؟ فإذا الشّمس كوّرت، وكلّ شيءٍ تغيّر، وأشرقت الأرض بنور ربّها فأصبح الإنسان يعيش مع الخالق سبحانه وتعالى، مع المسبِّب مباشرةً، فما هي الظّلال الّتي يتحدّث عنها؟ نقرأ قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ…»([1])، فهي ظلال الله سبحانه وتعالى؛ أي أنت في فَيءٍ من الله جل جلاله، والفيء يؤدّي إلى راحة الإنسان، لكن نحن نتحدّث عن جنّةٍ فيها ما لا يخطر على بال البشر، لذلك يقرّبها المولى سبحانه وتعالى.

﴿مُتَّكِئُونَ﴾: الاتّكاء حالةٌ وهيئةٌ للإنسان، فهو: إمَّا قائمٌ، أو قاعدٌ، أو متّكئٌ، والاتّكاء أَمتع هذه الحالات؛ لأنّ القائم قائمٌ لعمل، والقاعد يقعد لِـهَمٍّ يفكِّرُ فيه، فلا هو قادرٌ على القيام للعمل، ولا هو قادرٌ على الاتّكاء للرّاحة، فقوله سبحانه وتعالى: ﴿مُتَّكِئُونَ﴾، يعني تمام الرّاحة لهم، لذلك قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالاً اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَاماً حَرَّمْنَاهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ»([2]).

والأرائك: جمع أريكة.

([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصّلاة وفضل المساجد، الحديث رقم (660).

([2]) سنن التّرمذيّ: كتاب العلم، باب ما نُهي عنه أن يقال عند حديث النّبيّ ,، الحديث رقم (2664).

الآية رقم (57) - لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ

﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ﴾: جاء في سورة الواقعة قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ [الواقعة]، أمّا هنا فلم يذكر اللّحم، فذِكْرُ الفاكهة فيه إشارةٌ إلى التّلذّذ والتّنعّم.

﴿وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ﴾: أي ما يطلبون، وقال بعضهم: ﴿مَا يَدَّعُونَ﴾ يعني: لا يدَّخر الله سبحانه وتعالى لهم دعوة؛ لأنّه جل جلاله يعطيهم قبل أن يدعوا.

الآية رقم (58) - سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ

﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾: سلامٌ من الله سبحانه وتعالى، عندما يقول: السّلام؛ أي أضمن لك سلاماً تامّاً واطمئناناً تامّاً منّي ألّا يصيبك مكروهٌ، وهذا معنى السّلام العامّ، وعندما نقول: إنّ الإسلام هو دين سلامٍ، فهو دين عطاءٍ وخيرٍ ورحمةٍ، هذا هو المعنى العامّ للسّلام الحقيقيّ، أهل الإيمان هم أهل السّلام الحقيقيّ، فكيف إذا كان السّلام من الله سبحانه وتعالى، فهو اطمئنانٌ وأمانٌ وعطاءٌ، والله سبحانه وتعالى أعطى هذا السّلام ليس مناولةً عن طريق الملائكة، ولكن قولاً مباشراً منه جل جلاله، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَهْلُ الجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ، إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ، فَإِذَا الرَّبُّ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱝ»([1])، وتتبيّن أنوار الله سبحانه وتعالى لأهل الإيمان في ذلك الوقت، فأهل الجنّة مشغولون بأنوار الله سبحانه وتعالى وبتسبيحه وبحمده جل جلاله، مشغولون بسلام الله سبحانه وتعالى، يقول سبحانه وتعالى: السّلام عليكم يا أهل الجنّة، فعندما يعطي السّلام منه فإنّنا نفهم السّلام على قدره سبحانه وتعالى، سبحان الله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشّورى: من الآية 11].

بهاتين الآيتين أجمل المولى سبحانه وتعالى كلّ ما يتعلّق من نعيمٍ وعطاءٍ ورحمةٍ تظلّل أهل الجنّة بما قدّموا في الحياة الدّنيا، لذلك يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل أحدكم الجنّة بعمله»، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلّا أن يتغمّدني الله منه برحمة وفضل»([2])، وهناك من يقول: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾ [النّجم]، هذا الكلام صحيح، فعلى حسب العمل يكون الميزان والحساب والجزاء، لكن أن تدخل الجنّة فهذا برحمةٍ من الله سبحانه وتعالى؛ لأنّه جعل جزاء العمل الصّالح الجنّة، فهذه هي الرّحمة، فكيف إذا دخل الإنسان الجنّة وهو ينعّم فيها، وامتنّ الله سبحانه وتعالى بالسّلام: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾؟!

([1]) سنن ابن ماجه: افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصّحابة والعلم، باب فيما أنكرت الجهميّة، الحديث رقم (184).

([2]) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند أبي هريرة t، الحديث رقم (7473).

الآية رقم (59) - وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ

بعد أن تحدّث سبحانه وتعالى عن أصحاب الجنّة، انتقل الحديث إلى الكافرين، وأطلق عليهم صفة الإجرام

﴿ وَامْتَازُوا ﴾: أي تميّزوا.

يجب أن يكون هناك علامة فارقة بين المجرمين والمؤمنين.

فبماذا يتميّز أهل الإجرام في ذلك الوقت؟ يجب أن نقرأ في القرآن الكريم كلّه، يجب أن ننتقل من آيةٍ إلى أخرى حتّى نبلغ مرادات كلام الله تبارك وتعالى، والقرآن الكريم هو كنوزٌ وخزائن، كلّما اقتربنا من آيةٍ فُتِحَت لنا خزينةٌ لننظر ونبحث ما فيها من كنوز، نقرأ في سورة طه قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: من الآية 102]، لونهم أسود ممزوجٌ بأزرق، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة]؛ أي مسودّة، ويقول جل جلاله: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [آل عمران: من الآية 106]، آيةٌ تقول: وجوهٌ باسرة، وآيةٌ تقول: وجوهٌ مسودّة، وآيةٌ تقول: ونحشر المجرمين زرقاً، فعلامة التّميّز واضحة، أمّا أهل الإيمان فهناك أنوارٌ من الله سبحانه وتعالى انعكست: ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [التّحريم: من الآية 8]، أمّا عندما يقول: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾، فيتميّز المجرمون بسواد وجوههم وزرقتها وكلاحتها.

الآية رقم (60) - أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ

ألم أعهد إليكم يا بني آدم أنّني خلقت النّار من أجل أن أعذّب بها من يكفر، لكنّني قلت لكم.

﴿ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ ﴾: أوصيكم.

قلت لكم: ألّا تعبدوا الشّيطان، إنّه لكم عدوٌّ مبين، وعداوته كانت واضحةً، بيّنها الله سبحانه وتعالى لنا في كثيرٍ من الآيات، وقد ورد في القرآن الكريم أنّه منذ أن رفض إبليس السّجود لآدم عليه السلام والله سبحانه وتعالى ينبّه بني آدم منه، ويوصيهم ألّا يعبدوا الشّيطان.

﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾: هنا المولى سبحانه وتعالى يقرّع هؤلاء، ويقول للنّاس جميعاً: بأنّني قلت لكم، وبيّنت لكم وجود صراطٍ مضروبٍ على جهنّم لا تتوازنون عليه إلّا بقدر تمسّككم بالصّراط المستقيم في الدّنيا، والصّراط المستقيم هو الّذي قعد عليه إبليس: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف]، لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾، وعبادة الرّحمن هي طاعة أوامره، فهي ليست صلاة وصيام وزكاة فقط، وإنّما هي طاعةٌ، فعبادة الشّيطان هي طاعته، فعندما تطيع الشّيطان يصبح معبودك.

المولى سبحانه وتعالى في هذه اللّحظات الّتي يكون فيها الإنسان قد أصبح أمام الجنّة وأمام النّار يقول للنّاس ويبيّن لهم: إنّه عهد لهم ألّا يعبدوا الشّيطان، ولا يطيعوا شهواتهم، هذا هو الموقف الفاصل.

﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾: وعداوة الشّيطان ظاهرةٌ منذ البداية.

﴿ مُبِينٌ ﴾: واضح.

وذكرنا في سورة الكهف: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: من الآية 34]، فإبليس هو العدوّ المبين لنا جميعاً وكان من الكافرين، عادى بني آدم عليه السلام وأقسم على ذلك، ولكنّه لا يستطيع أن يُعادي الله جل جلاله، فلا يستطيع أحدٌ أن يُعادي الله عز وجل

الآية رقم (50) - فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ

﴿ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً ﴾: فعند بعثة النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال للنّاس: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ يَسَّمَّعُ مَتَى يُؤْمَرُ، فَيَنْفُخُ؟»([1])، فمنذ بُعِث النّبيّ صلى الله عليه وسلم وإسرافيل عليه السلام أحنى رأسه والتقم الصّور منتظراً الأمر الإلهيّ، فالأمر بين لحظةٍ وأخرى، وإيّاك أن تنتظر السّاعة؛ لأنّ ساعة الإنسان هي يوم موته، وعندها ينتهي الاختيار وينتهي الأمر ويصبح بين يدي الله سبحانه وتعالى، فعندما أبهم الله سبحانه وتعالى الموت عن النّاس فهذا الإبهام هو عين البيان، قال عز وجل: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ﴾ [النّساء: من الآية 78]، فأنت محاطٌ بالموت من كلّ جانب، وبأيّ لحظةٍ سيأتي الموت وينتهي الأمر.

﴿ وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾: حتّى ولا هذه يستطيعونها.

([1]) مسند الإمام أحمد بن حنبل: ومن مسند بني هاشم، مسند عبد اللّه بن العبّاس 8، الحديث رقم (3008).

الآية رقم (61) - وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ

﴿ وَأَنِ اعْبُدُونِي ﴾: أي أطيعوني في أوامري.

﴿ مُسْتَقِيمٌ ﴾: المستقيم: هو أقصر مسافة بين نقطتين.

والصّراط المستقيم يوصلك إلى الجنّة فإبليس أراد أن يبعد بني آدم عن الجنّة بالغواية: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص]، بعزّتك؛ أي باستغنائك عن عبادة خلقك، هذا هو مدخل الشّيطان، فالشّيطان لا يجلس على أبواب الملاهي، وإنّما يجلس عند الطّاعات: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف]، كي يمنع النّاس من الاستقامة، فهدف إبليس هو الاعوجاج.

يبيّن الله سبحانه وتعالى لنا هنا ما يجري مع أهل الإجرام؛ لأنّه أخذ العهد على بني آدم: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف]، وإبليس لا يستطيع أن يدخل على الإنسان إلّا من باب استغناء الله عز وجل عن عبادة خلقه

الآية رقم (51) - وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ

﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾: أي البوق الّذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، وهذه هي نفخة البعث، وتسبقها نفخة الصَّعْق الّتي تُميتهم وتخمدهم.

أعطانا سبحانه وتعالى المنظر والمنظر الثّاني: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزّمر]، هذه مشاهد للكيفيّة وليس للزّمن، نفخ متى وأين وكيف؟ لم يعطِ، فالمشهد هو ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾.

﴿ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴾: ما معنى الأجداث؟ ولماذا يستخدم القرآن الكريم لفظ الأجداث في مواضع بينما يستخدم لفظ القبور في مواضع أخرى؟ الاستعمال في القرآن الكريم استعمالٌ دقيقٌ.

﴿ الْأَجْدَاثِ ﴾: هي القبور، وعندما يتحدّث عن الأجداث فإنّه يتحدّث عن ساعة الخروج، بينما عندما يتحدّث عن القبر فإنّه يتحدّث عن المكث، والفارق أنّ كثيراً من النّاس عندما تقوم السّاعة لا يكونون في قبور، فلا تبقى مقابر، قال سبحانه وتعالى: ﴿مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ﴾، وقال سبحانه وتعالى: ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾ [القمر]، وقال جل جلاله: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج]، فعند النّفخ في الصّور تُستَخدم كلمة الأجداث، أمّا القبور فقد ذُكِرَت في ستّ آيات في حالة السّكون والهمود: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [الحجّ]، ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [فاطر]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الممتحنة]، ﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ [الانفطار]، ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التّكاثر]، ﴿أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ﴾ [العاديات]، والبعثرة غير الخروج، الخروج فيه حركة، أمّا البعثرة فهي بفعل فاعلٍ.

﴿ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴾: يعني يُسرعون.

وأصل كلمة: ﴿يَنْسِلُونَ﴾ من نسل الخيوط بعضها عن بعض، نقول: ينسل الثّوب؛ أي تخرج بعض الخيوط من أماكنها من اللُّحْمة أو السُّدَّة، وهكذا يخرجون من التّراب.

الآية رقم (62) - وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ

﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ ﴾: أضلّ إبليس كثيراً من النّاس، وعندما يقول المولى سبحانه وتعالى هنا: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ﴾؛ أي من بني آدم.

﴿ جِبِلًّا كَثِيرًا ﴾: وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: من الآية 13]، فكثيرٌ من النّاس ضلّوا بسبب إغواء إبليس.

﴿ جِبِلًّا ﴾: الجبل: هو شيءٌ قويٌّ وراسخ؛ أي ناسٌ أشدّاء وأقوياء، كالفراعنة، والأكاسرة… وغيرهم من العظماء، فعندما يستخدم المولى سبحانه وتعالى كلمة ﴿جِبِلًّا﴾، كأنّه يقول: أين فرعون؟ أين كسرى؟ أين قيصر؟ أين هامان؟ أين نمرود؟ أين الأقوياء…؟ أصبحوا كلّهم تحت التّراب، يقول الإمام عليّ كرّم الله وجهه: “لو كُشِف عنّي الحجاب لما ازددت من الله قرباً”.

﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾: لو استخدمتم العقل وفكّرتم قليلاً بالأدلّة لتبيّن بأنّ إبليس هو العدوّ المبين.

الآية رقم (52) - قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ

فإذا ما خرجوا من الأجداث ورأوا الحقيقة الّتي طالما كذَّبوها قالوا:
﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ﴾: يا: أداة نداء، هم ينادون للويل، فهذا أوانه، فهم الّذين يدْعُون على أنفسهم بالويل والثّبور، لا أحد يقول لهم: ويلكم، إنّما يقولونها لأنفسهم، وهذا بيانٌ للحسرة على ما فاتهم.

وعجيبٌ منهم أنْ يقولوا الآن: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ فعلموا في هذه اللّحظة أنّ الموت لم يكن النّهاية، وإنّما الموت مرقد، وهنا يوجد سكتةٌ لطيفةٌ عند القراءة بين كلمة ﴿مَرْقَدِنَا﴾ وبين ﴿هَذَا﴾، فلمَ تأتي السّكتة هنا؟ لأنّهم عندما قاموا مباشرةً أوّل كلمة قالوها: ﴿يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾، فنسكت، ثمّ يأتي الجواب: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾، فمن الّذي أجاب؟ هل الله سبحانه وتعالى؟ أو أجابوا أنفسهم؟ هل بعضهم أجاب بعضهم الآخر؟ الله سبحانه وتعالى أعلم، المهمّ أنّ هذا هو الجواب، لذلك جاء مبنيّاً للمجهول، والقرآن الكريم لا يبيّن لنا مَن الّذي أجاب؛ لأنّه قرآنٌ، ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النّساء: من الآية 82].

﴿ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾: أي في البلاغ عن الله عز وجل.

الآية رقم (42) - وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ

﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ﴾: وسائل المواصلات في الماء الّتي يصنعونها في كلّ فترة مثل البواخر وغيرها، وإيّاكم أن تعتقدوا أيّها النّاس أنّها وسائل نجاة، وإنّما هي وسائل مواصلات

الآية رقم (43) - وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ

﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ﴾: فهي وسائل مواصلات وليست وسائل نجاة، من معجزات الله سبحانه وتعالى أنّه أعطى البشر هذه السّفن، وأنّه حمل في سفينة نوح ذراري البشريّة، وهذه السّفن ليست لتُنْجِي، لكن هي لخدمة الإنسان، والسّفن العملاقة الآن في دول العالم كلّها تسير في البحار: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾[هود: من الآية 41]، فقد كانت القوّة بالنّسبة إلى مجراها ومرساها في سفينة نوح عليه السلام، ومع ذلك: ﴿ وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ ﴾.

﴿ صَرِيخَ ﴾: أي صراخ الاستنجاد، والصّريخ هو الّذي تستصرخه وتستنجد به لينقذك، لكن لنلحظ هنا -سبحان الله- عندما تأتي مشكلة كبيرة فإنّ الإنسان يستصرخ الأقرب إليه، من أبٍ أو أمٍّ أو أخٍ، لكنّه إذا لم يجد أحداً يقول: يا ربّ، سواء كان في السّفينة أم في الطّائرة أم في أيّ وسيلة مواصلات.

﴿ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ ﴾: لا صريخ ولا منقذ ولا إنقاذ، إلّا رحمة من الله سبحانه وتعالى.

يعني: امتنع المصرخ، وامتنع عنهم أيضاً المنقذ الّذي يتطوَّع فينقذهم، وهذا قَطْعٌ للأمل في النّجاة.

الآية رقم (44) - إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ

﴿ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا ﴾: دقّة في القرآن الكريم، فالّذي يُنقِذ هو الله سبحانه وتعالى، وبدلاً من أن نقول: يا أب، نقول: يا ربّ.

﴿ وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴾: وهذه النّجاة ليست صَكّاً بالسّلامة الدّائمة والبقاء المستمرّ، إنّما هذه النّجاة متاعٌ إلى حينٍ، إلى أنْ يحلَّ الأجلُ ويُدركك الموت، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾[يونس: من الآية 49].

الآية رقم (45) - وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

﴿ وَإِذَا قِيلَ ﴾: (إذَا) أداة شرطٍ تفيد التّحقيق، أمّا (إنْ) فتفيد الشّكّ.

﴿ لَهُمُ ﴾: أي للكافرين.

وجاء الفعل:  ﴿قِيلَ﴾ مبنيّاً للمجهول ليفيد العموم، فكأنّ كلّ مؤمنٍ عليه أنْ يقول لكلّ مشركٍ أو كافرٍ: اتّق الله سبحانه وتعالى، وأنْ ينصح، وأن يأخذ بيد غيره إلى طريق الله عز وجل.

﴿اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ﴾: ما هي التّقوى؟ عرّفها سيّدنا عليّ كرّم الله وجهه عندما سألوه بقوله: “التّقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتّنزيل، والرّضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرّحيل”.

نحن نعلم أنّ هناك آيات تقول: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾[آل عمران]، اتّق النّار يعني اجعل بينك وبين النّار حاجزاً بالعمل الصّالح، لكن عندما نقول: ﴿اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ﴾؛ أي اجعل ما بينك وبين مستقبلك حاجزاً، فالأمام: المستقبل؛ أي اتّقوا ما سوف تصلون إليه من القبر والحساب والعقاب والجزاء.

﴿ وَمَا خَلْفَكُمْ ﴾: يتحدّث عن الماضي، فكيف أتّقي ما خلفي من الماضي؟ الجواب: بأن أستغفر من الذّنوب الماضية.

﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾: بما أنّ الله سبحانه وتعالى هو القائل فلا شكّ بأنّ الرّحمة ستأتي من خلال التّوبة من الذّنوب، ومن خلال الاستغفار.

﴿اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ﴾ اتّقوا اليوم الّذي تنزلون فيه إلى القبور، واجعلوا حاجزاً بينكم وبين آثامكم وذنوبكم وما اقترفتموه من ظلمٍ وعدوانٍ ورشوةٍ وسرقةٍ وكذبٍ… اجعلوا هذا الحاجز بالاستغفار والتّوبة من الذّنوب، والعودة إلى الله سبحانه وتعالى عسى ربّكم أن يرحمكم جل جلاله.

الآية رقم (46) - وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ

الخطاب هنا للكافرين، الجاحدين، عندما نقرأ في كتاب الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾، فيجب أن نبيّن أنّ هناك آيات كونيّةً، فما تأتيهم آيةٌ من آيات الله سبحانه وتعالى إلّا أعرضوا عنها، والإعراض هو إعطاء الجنب؛ أي أنّهم لا يريدون أن يعلموا، ولا يريدون أن يؤمنوا بالله سبحانه وتعالى، ويبيّن المولى سبحانه وتعالى في هذه الآية حقيقة هؤلاء؛ لأنّهم يُعرِضون عن الإثباتات العلميّة والنّقاش والحوار الصّحيح والدّقيق؛ لأنّ المولى سبحانه وتعالى لم يطالب الإنسان بالإيمان قهراً، وإنّما أعطى الأدلّة من آياتٍ كونيّةٍ ومن آيات قرآنيّة ومن آيات كمعجزات الرّسل الكرام عليهم السلام، هذه الآيات كلّها أعرضوا عنها، ولم ينظروا إليها.

الآية رقم (47) - وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾: هنا يجب أن ننتبه إلى أمرٍ مهمّ جدّاً، هو موضوع الإنفاق، وهو موضوعٌ يتعلّق بحركة الإنسان في الحياة، والله سبحانه وتعالى جعل الزكاة ركناً من أركان الإسلام، ولم يأمر فقط بالزكاة، وإنّما أمر بالصّدقات، وهذه فريضة وركن كما قلنا، والأوامر الإلهيّة تأتي على أمرٍ يحبّه الإنسان، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾[الفجر]، وقال جل جلاله: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: من الآية 46]، وترجمان الإيمان هو بالصّدقة والزكاة وإنفاق المال، فالمال حقٌّ معلّقٌ بالإنسان، فعندما يخرجه ويعطيه للآخر فكأنّه يؤمن إيماناً مطلقاً بأنّ الله سبحانه وتعالى سيعوّضه وسيزيده، قال سبحانه وتعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة]، فالإنفاق يكون بالزكاة أو بالصّدقة، والأمر الّذي جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى فيما يتعلّق بالزكاة والصّدقات، بالحقيقة لا نجد آية تأمر بالصّلاة إلّا وقُرنت تقريباً مع الزكاة، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ»([1])، فالإنسان يتعلّق بالمال، وقد طلب المولى سبحانه وتعالى منه أن يقرضه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: من الآية 245]؛ أي أن يتعامل مع الله سبحانه وتعالى، وهو مؤتمنٌ على هذا المال.

﴿ أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ ﴾: بعض النّاس يقولون كما قال الكفّار هنا: ﴿أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾، فيقولون: الله تعالى قادرٌ على أن يطعم الفقير، فلماذا يتركه فقيراً؟ فهذه الحجّة هي حجّةٌ مستمرّةٌ حتّى الآن، فكثيرٌ من النّاس يقولون: لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الفقير والغنيّ؟ وقد مرّت معنا آياتٌ كثيرة بيّنّا فيها أنّ الله سبحانه وتعالى له حكمةٌ في خلقه، وعندما خلق النّاس أراد أن يبلوَ الأغنياء فيما افترضه عليهم من حقٍّ بالنّسبة إلى الفقراء، والله سبحانه وتعالى في الحديث القدسيّ يقول: «يا موسى، ما ألجأت الفقراء إلى الأغنياء أنّ خزانتي ضاقت عنهم، وأنّ رحمتي لم تسعهم، ولكنّي فرضتُ للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم، أردتُ أن أبلوَ الأغنياء كيف مسارعتهم فيما فرضت للفقراء في أموالهم»([2])، الإنفاق عنصرٌ من عناصر الإيمان المهمّة جدّاً، فالله سبحانه وتعالى طلبه منّا عندما قال: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: من الآية 245]، فهو سبحانه وتعالى يقول: خلقت الخلق، الغنيّ والفقير، وأعطيت الغنيّ ومنعت الفقير، لأبلو الغنيّ بالفقير، ولأبلو الفقير بالغنيّ، هذا يكون شاكراً وذاك يكون صابراً، هكذا طبيعة الحياة، حيث لا يمكن إلّا أن يكون قد سخّر الله سبحانه وتعالى النّاس بعضهم لبعض، ولذلك خلقهم، أن يكونوا مختلفين، وهم يحاولون تغيير الحقائق بقولهم: ﴿ أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾، بالتّأكيد لو أراد الله سبحانه وتعالى لخلق النّاس جميعاً أغنياء، أو خلق النّاس جميعاً فقراء، ولكنّه من حكمته سبحانه وتعالى فرض في أموال الأغنياء حقّاً للفقراء، ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج]، لذلك هناك كثيرٌ من الآيات الّتي تحضّ على الإنفاق، كقوله عز وجل: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾ [البقرة: من الآية 177]، أمّا أن يقول الإنسان: أمّا أنا فأُمسِكُ عن إطعام الفقير، ولو أراد الله سبحانه وتعالى لأطعمه، فالجواب عليه هو قول الله سبحانه وتعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الماعون]، إذ جعل الله سبحانه وتعالى عنوان التّكذيب بالدّين هو عدم إعطاء وإطعام المسكين، وزجر اليتيم وعدم إكرامه، لذلك قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جائعٌ إلى جنبه وهو يعلم به»([3])، فالتّعامل إذاً مع الله سبحانه وتعالى، ولو شاء لأغنى فلاناً وأفقر فلاناً، وخزائنه لا تنفد جلّ وعلا، وقد قال ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: “كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الـمُرْسَلَةِ”([4]).

﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾: يحاولون دائماً أن يصوّروا أنّ المؤمن هو الضّالّ، وهو الّذي لا يرى الحقيقة، وهذه هي طبيعتهم عبر الأزمان.

وهناك أمرٌ مهمٌّ يتعلّق بأرزاق النّاس، فالله سبحانه وتعالى أراد أن يكون الرّزق موزَّعاً بين النّاس، والرّزق ليس هو المال فقط، فالصّحّة رزقٌ، والعقل رزقٌ، والحكمة رزقٌ.. إلخ، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذّاريات]، فالله سبحانه وتعالى ربّ الجميع، وليس ربّ الغنيّ دون الفقير، والله سبحانه وتعالى هو الّذي يقول: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: من الآية 29]، ولم يقل: (للأغنياء)، فيجب ألّا ننظر إلى الأمر بهذه الحالة الفرديّة، فالله سبحانه وتعالى خلق الكون بمجمله، وجعل في الأرض معايش، وخلق الإنسان، وعندما خلق الإنسان وخلق آدم وحواء تكفّل برزق النّاس جميعاً، فمنذ بدء البشريّة إلى الآن يجب أن ننظر هل أنّ الله سبحانه وتعالى أعطى فلاناً وحرم فلاناً أو جعل الرّزق مضموناً مكفولاً للنّاس كلّهم؟! نعم هناك فقراء وأغنياء، لكن كيف يتمّ توزيع الثّروة البشريّة؟ الثّروة موجودةٌ على وجه الكرة الأرضيّة، فكيف يتمّ هذا التّوزيع بين النّاس؟ وكيف يحتكر بعضهم؟ فما جاع فقيرٌ إلّا بتخمة غنيٍّ، وهذه المعاني جعلها الإسلام عنواناً أساسيّاً في الزكاة والصّدقات والإحسان والعطاء الّذي أمر الله سبحانه وتعالى به.

ويجب أن نعلم أنّه ليس كلّ غنيٍّ هو آكلٌ لمال الفقير، يقول الإمام عليّ كرّم الله وجهه: “ما جاع فقيرٌ إلّا بما مُتِّع به غنيّ”، والله سبحانه وتعالى ساوى بين النّاس، وإن اختلفوا في حركة الحياة، هذا عَمِلَ، وهذا اجتهدَ فأصبح غنيّاً، فلا نقل: من أين لك هذا؟ إلّا إذا كان سارقاً وناهباً ومحتكراً، وهذا أمرٌ مهمٌّ جدّاً.

([1]) صحيح مسلم: كتاب الطّهارة، باب فضل الوضوء، الحديث رقم (223).

([2]) كنز العمّال: حرف الزّاي، الباب الثّالث: في فضل الفقر والفقراء وما يتعلّق به، الحديث رقم (16664).

([3]) الجامع الصّغير وزيادته: ج1، الحديث رقم (10442).

([4]) صحيح البخاريّ: كتاب الصّوم، بَابٌ: أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِيُّ , يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، الحديث رقم (1902).