الآية رقم (130) - يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ

الدّالّات على وجود الله سبحانه وتعالى من لدن آدم عليه السَّلام إلى محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم.

فقد كانت تأتي الرّسل للبيان عن الله سبحانه وتعالى، فلم يعد هناك حجّةٌ بعدم الإيمان، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ [الجنّ]، فالجنّ كانوا يسترقون السّمع.

﴿وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا﴾: هناك إنذارٌ فتجريمٌ كما ذكرنا، وهناك بيانٌ ورسلٌ، وقد يسأل أحدهم: هل هناك رسلٌ أُرسِلوا للجنّ؟ الجواب: اختلف العلماء في ذلك، لكن من الواضح أنّه عندما كانت تأتي الرّسل عليهم السَّلام إلى الإنس فإنّ الجنّ كانوا يعلمون بهم ويعلمون الحقّ، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ ﴾ ]إبراهيم: من الآية 22[، فالشّيطان يعلم أنّ وعد الله سبحانه وتعالى الحقّ. ونتذكّر عندما قال الشّيطان -لعنه الله- لله جلَّ جلاله: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص]، أي أنّني أستند على استغنائك عن عبادة خلقك يا ربّ، هذا معنى: ﴿فَبِعِزَّتِكَ﴾، ثمّ قال: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [ص]، إلى يوم الحساب الّذي ينادي به المولى سبحانه وتعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾، مُخاطباً الإنس والجنّ معاً.

يا: أداة نداءَ

معْشَرَ: منادى مضاف منصوب.

الْجِنِّ: مضاف إليه.

والْإِنْسِ: معطوف، وجملة النداء مقول القول لفعل محذوف تقديره يقال لهم.

ألَمْ يَأْتِكُمْ: مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة لأنه معتل الآخر والكاف مفعولهُ

رسُلٌ: فاعله

منْكُمْ: متعلقان بمحذوف صفة رسل وجملة ألم يأتكم مقول القول لفعل محذوف أيضا.

يقُصُّونَ عَلَيْكُمْ: فعل مضارع نعلق به الجار والمجرور والواو فاعله.

يأتِي: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. وياء المتكلم مضاف إليه والجملة في محل رفع صفة ثانية الرسل.

يُنْذِرُونَكُمْ: فعل مضارع وفاعل ومفعول به أول.

لقاءَ: مفعول به ثان.

يوْمِكُمْ: مضاف إليه.

هذا: اسم إشارة في محل جر صفة والجملة معطوفة. وجملة قالوا استئنافية لا محل لها.

شهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا: فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله والجملة مقول القول.

غَرَّتْهُمُ: فعل ماض ومفعوله والواو اعتراضية.

الْحَياةُ: فاعله

الدُّنْيا: صفة والجملة اعتراضية لا محل لها.

وشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ: فعل ماض مبني على الضم تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله، والجملة معطوفة على شهدنا

أنهم: أنّ واسمها

كانُوا: كان واسمها.

كافِرِينَ: خبر كان منصوب بالياء والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها في محل جر بحرف الجر المحذوف والتقدير شهدوا بكونهم كافرين.

جملة كان واسمها وخبرها في محل رفع خبر أن.

ألَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ: أي من مجموعكم، ويصدق ذلك على بعض الإنس: لأن الرسل من الإنس، ولم يكن من الجن رسول، فهذا من باب التغليب، كقوله تعالى: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن 55/ 22] وإنما يخرجان من البحر المالح لا العذب.

يقُصُّونَ عَلَيْكُمْ: يخبرونكم بها مع التوضيح والتبيان.

ِشهدْنا عَلى أَنْفُسِنا: أن قد بلّغنا

غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا: أي خدعتهم الدنيا بزخارفها فلم يؤمنوا.