﴿لَا تَخُونُوا﴾: الخيانة ضدّ الأمانة، والأمانة كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا دين لمن لا أمانةَ له»([1])؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب]، هذه الأمانة الّتي حملها الإنسان هي أمانة المنهج، وهي أمانة اختيارٍ، وهناك سلوكيّاتٌ باطنةٌ داخل الإنسان، يأتي بعدها السّلوك المقلق للمجتمع، الّذي هو الجريمة، فلا تأتي الجريمة فجأةً، وإنّما تأتي من أمراضٍ داخليّةٍ باطنةٍ داخل الإنسان من حقدٍ وحسدٍ وغيبةٍ وكذبٍ ونميمةٍ. وعين القانون لا ترى الجرائم الباطنة، أمّا عين الدّين فهي الحارسة حتّى تستقيم الأخلاق في المجتمع، لذلك ترتبط الأخلاق بالدّين ارتباطاً وثيقاً؛ لأنّ الأخلاق أصلها بالقلب، ولن تكون هناك عينٌ حارسةٌ لهذه الأمراض إلّا عين الدّين، لذلك قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا دين لمن لا أمانةَ له»، والأمانة بطبيعة الحال ليس لها سندٌ ولا توثيقٌ ولا صكٌّ ولا شهود؛ لأنّها أمانةٌ من داخل ضمير الإنسان، هذه هي الحراسة الإيمانيّة فيما يتعلّق بالسّلوكيّات الباطنة للإنسان الّتي تظهر بشكل جرائم، وهي خيانةٌ لمنهج الله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصّلاة والسّلام، أوّلاً: بالمنهج، وثانياً: بالأمانات بين النّاس، ولو ضاعت الأمانة بين النّاس لضاعت الحقوق والأخلاق والقيم.
﴿وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾: أي لا تخونوا بعضكم بعضاً.
﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾: الّذي يخون الأمانة عن جهلٍ أو عدم قصدٍ يُعفى عنه.