﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾: هذا أوّل إشكالٍ تحدّث عنه المستشرقون في كثيرٍ من كتبهم لعدم معرفتهم بأسرار اللّغة العربيّة؛ ولأنّ المستشرق أو القارئ للقرآن يعتقد عندما يقرأ القرآن أنّه يقرأ كلاماً بشريّاً فيحدث الإشكال، أمّا عندما يُنسب القول للقائل وهو الله سبحانه وتعالى فترى الأمر واضحاً، والله سبحانه وتعالى لا حدود لكماله، ولا حدود لكلماته: ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف].
كيف يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ﴾؟ وهو يخاطبهم بـــ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾؟ مثلاً كقول: يا من تشرب اشرب، كيف؟ هذا في اللّغة البشريّة، أمّا هذا الكلام فكلامٌ إلهيٌّ، فما معنى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ﴾؟ نأتي إلى آيةٍ أخرى يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: من الآية 1]، المتّقي الأوّل على وجه الأرض هو النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمّ يقول له: ﴿اتَّقِ اللَّهَ﴾؟!