الآية رقم (21) - يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

والّذي يدّعي الإيمان ولا يلتزم بتكاليفه من غير عذر يكون فتنة لغيره، والّذي يقوم بالموبقات والتّكفير والقتل والإرهاب وسبي النّساء وجهاد النّكاح وسلب أموال النّاس وقطع الطّرقات وارتكاب الفواحش، فإنّه يُسيء للدّين؛ لأنّ أوامر وتكاليف الدّين واضحة صريحة لا تقبل التّأويل، فالصّلاة صلاة ولا تُفسّر بغير ذلك، ولا أقول إنّ الصّلاة في القلب، وكذلك الصّوم شروطه معروفة، وآيات الأحكام واضحة بيّنة للناس جميعاً. وقد بيّن الله سبحانه وتعالى في آيات سابقة صفات المؤمنين، وصفات الكافرين، وقولنا: هذا كافر، ليس معناه أن يُقتل، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بقتال المعتدين وليس بقتال الكافرين ولا المشركين، ونبيّنا لم يُقاتل النّاس على دينهم، وإنّما قاتلهم على عدوانهم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللّه[الحجّ: الآية 39، ومن الآية 40]، وسبب الإذن بالقتال هنا هو الظّلم الواقع على المؤمنين. وفي هذه الآية وفي أمثالها والّتي يُخاطب الله فيها النّاس جميعاً ويبدؤها بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ يأتي بعدها أمر عامّ للنّاس جميعاً، المؤمنين منهم وغير المؤمنين: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ، والعبادة طاعة عابد لمعبود. والطّاعة تعني أن تلتزم أوامر الله سبحانه وتعالى، وأن تنتهي عمّا نهى عنه.

يا: حرف نداء.

أي: منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب على النداء.

وها: حرف تنبيه.

النَّاسُ: بدل من أي مرفوع على اللفظ.

اعْبُدُوا: فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة والواو فاعل.

رَبَّكُمُ: مفعول به والكاف في محل جر بالإضافة.

الَّذِي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة.

خَلَقَكُمْ: خلق فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو، والكاف مفعول به والميم لجمع الذكور.

وَالَّذِينَ: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب معطوف على الضمير الكاف في الفعل خلقكم التقدير وخلق الذين

(خلقكم): صلة الموصول.

مِنْ قَبْلِكُمْ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة، التقدير وخلق الذين عاشوا من قبلكم.

لَعَلَّكُمْ: لعل حرف مشبه بالفعل. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسمها. والميم علامة جمع الذكور.

تَتَّقُونَ: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعل، والجملة في محل رفع خبر لعل،

(لعلكم تتقون): تعليلية، وأجاز بعضهم الحالية.

يا: لنداء البعيد أو الساهي أو الغافل، فإن نودي به القريب فهو بقصد تعظيم المنادي به، وإيقاظ النفوس، واجتذاب الأنظار

واستمالة القلوب الغافلة، فاقتضى الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ. وأما نداء القريب فيكون بكلمة «أي»

رَبَّكُمُ: الإضافة للمخاطبين للتعظيم.

خَلَقَكُمْ الخلق: الإيجاد والاختراع بلا مثال سابق.