قوله سبحانه وتعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً﴾: أي هيّأ للإنسان من قبل أن يولَد ظروف عيشه وراحته وسعادته، فجعل الأرض مهاداً، وفراشاً، وذلولاً ليعيش عليها الإنسان.
الفراش: المكان الّذي يستريح فيه الإنسان، والمهد الّذي يرتاح فيه الطّفل.. وهذا يعني أنّه هيّأ كلّ المكوّنات الّتي تجعل حياة الإنسان صالحة على الأرض.. فجعلها كرويّة تدور حول نفسها وحول الشّمس، وجعل فيها نسب الهواء المتوازنة، وجعل فيها البحار.. والغلاف الجوّيّ المحيط بالأرض.. وبالاختصار جعل الأرض وما عليها صالحاً لعيش الإنسان ومسخّراً لراحته.
﴿وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء﴾: الماء سبب الحياة، والله خلق الأرض ويشكّل الماء منها ثلاثة أرباع مساحتها.. وذلك كي تتبخّر المياه من مسطّحات مائيّة واسعة تؤدّي إلى تجمّع الغيوم وتشكّل المطر، وخذ مثالاً: عندما نضع الماء في كأس مساحة سطحه صغيرة ونتركه خمسة أيّام نجد أنّ كمية الماء قد نقصت قليلاً، بينما لو سكبت كأس الماء على الأرض لوجدت سرعة التّبخّر أكثر؛ لأنّ السّطح أوسع. قال سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: من الآية 30]. وقد جعل الله سبحانه وتعالى في الأرض كلّ مقوّمات الحياة، وخلق السّماء، وكلُّ ما علاك فأظلّك فهو سماء، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذّاريات]، أي بنيناها بقوّة، أي متماسكة، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولا﴾ [فاطر: من الآية 41]، فيطمئنّ الإنسان لهذا البناء القويّ المتين. وخلق الله سبحانه وتعالى الكون وخلق الأرض، وكانت هناك نظريّة تحدّثت عن خلق الكون، فقالت: إنّ الكون أزليّ، ثمّ ثبت بالعلم القاطع أنّ الكون ليس أزليّاً، بل وُجِد فجأة قبل ثلاثة عشر ملياراً من السّنين، حيث حدث انفجار كونيّ ضخم. فالكون بما فيه من الأرض والسّماء والشّمس والماء والهواء… ليس أزليّاً