الآية رقم (21) - يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

هذا خطاب لكلّ البشر، وفي مواضع أخرى يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ[الأعراف: من الآية 26]، ليذكّرهم بأبيهم آدم عليه السَّلام، وفي مواضع أخرى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا[البقرة: من الآية 104]، ويأتي بعدها تكليف؛ لأنّ الّذي آمن ارتبط بعقد وعهد مع الله سبحانه وتعالى، فيأتيه أمر بالصّلاة والصّيام والزكاة وسائر التّكاليف، كقوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة: من الآية 183]، والّذي لم يؤمن بعد لم يكتب عليه الصّيام والصّلاة.. فهذه الفرائض هي نتيجة الدّخول في عقد مع الله سبحانه وتعالى، وهذا العقد بالاختيار وليس بالإجبار، فمن اختار الإيمان أُلزم بالتّكاليف من أوامر ونواه عليه أن يلتزم بها، فأنت لست مجبراً على الإيمان، أنت حرّ في اختيار دينك: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: من الآية 256]، ولكن ليس لك أن تقول: أنا مؤمن وأريد أن أسرق، وأكذب، وأزني، ولا أريد أن أصلّي؛ لأنّ الحريّة قبل اختيارك للتّكليف، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا[الأحزاب]، والأمانة هي اختيار التّكليف. فقد أودع الله سبحانه وتعالى في الإنسان عقلاً يختار بموجبه، فإذا اختار الإيمان فإنّ من موجبات الإيمان التّكليف.

يا: حرف نداء.

أي: منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب على النداء.

وها: حرف تنبيه.

النَّاسُ: بدل من أي مرفوع على اللفظ.

اعْبُدُوا: فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة والواو فاعل.

رَبَّكُمُ: مفعول به والكاف في محل جر بالإضافة.

الَّذِي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة.

خَلَقَكُمْ: خلق فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو، والكاف مفعول به والميم لجمع الذكور.

وَالَّذِينَ: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب معطوف على الضمير الكاف في الفعل خلقكم التقدير وخلق الذين

(خلقكم): صلة الموصول.

مِنْ قَبْلِكُمْ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة، التقدير وخلق الذين عاشوا من قبلكم.

لَعَلَّكُمْ: لعل حرف مشبه بالفعل. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسمها. والميم علامة جمع الذكور.

تَتَّقُونَ: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعل، والجملة في محل رفع خبر لعل،

(لعلكم تتقون): تعليلية، وأجاز بعضهم الحالية.

يا: لنداء البعيد أو الساهي أو الغافل، فإن نودي به القريب فهو بقصد تعظيم المنادي به، وإيقاظ النفوس، واجتذاب الأنظار

واستمالة القلوب الغافلة، فاقتضى الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ. وأما نداء القريب فيكون بكلمة «أي»

رَبَّكُمُ: الإضافة للمخاطبين للتعظيم.

خَلَقَكُمْ الخلق: الإيجاد والاختراع بلا مثال سابق.