هذه هي سنّة الخلق ما بين الحقّ والباطل، عبر الزّمن كُذّب الرّسل الّذين أُرسلوا لأقوامهم نوح وهود وصالح وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان عليهم السَّلام ولكنّهم صبروا، والصّبر هو سلاح المؤمن، بيّنه الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم بقوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة]، لم يقل: مع المصلّين؛ لأنّ الصّلاة قد تكون مجرّد ركعاتٍ وسجودٍ وحركاتٍ، أمّا التّعبير الحقيقيّ عن الصّلاة فهو أن تصبر على قضاء الله سبحانه وتعالى، وتعتقد أنّ قضاءه جلّ وعلا فيه خيرٌ لك، وأنّ هذه المحنة ستنقلب إلى نعمةٍ، وأنّ كلّ محنةٍ في باطنها نِعَمٌ من الله سبحانه وتعالى فتصبر على هذا الإيذاء.
وَلَقَدْ: الواو حرف قسم وجر واللام واقعة في جواب القسم المقدر أي، والله لقد كذبت، قد حرف تحقيق
كُذِّبَتْ رُسُلٌ: فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله والتاء الساكنة للتأنيث
مِنْ قَبْلِكَ: متعلقان بمحذوف صفة لرسل، وجملة كذبت لا محل لها لأنها واقعة في جواب القسم المقدر.
فَصَبَرُوا: فعل ماض والواو فاعله، والجملة معطوفة.
عَلى ما كُذِّبُوا: ما مصدرية وهي مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بعلى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما.
وَأُوذُوا: كذلك فعل ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعل والجملة معطوفة فهي تؤول بمصدر أيضا أي: صبروا على تكذيبهم وإيذائهم
حَتَّى: حرف غاية وجر
أَتاهُمْ نَصْرُنا: فعل ماض ومفعوله وفاعله
وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ: الواو حالية، لا نافية للجنس تعمل عمل إن
مُبَدِّلَ: اسمها مبني على الفتح.
لِكَلِماتِ: متعلقان بمحذوف خبرها.
اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه، والجملة في محل نصب حال.
وَلَقَدْ جاءَكَ: فعل ماض والكاف مفعوله، فاعله محذوف تعلق بصفته الجار والمجرور (مِنْ نَبَإِ) أي: جاءك بعض من نبأ المرسلين. والجملة لا محل لها لأنها جواب قسم مقدر كسابقتها.
لِكَلِماتِ اللَّهِ: هي وعده ووعيده، وعده للرسل بالنصر، ووعيده لأعدائهم بالخذلان، كما قال تعالى في إنجاز الوعد: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة 58/ 21] وقوله: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات 37/ 171- 173] وقال عز وجل في إنزال الوعيد: (أَمْ يَقُولُونَ: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ، سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر 54/ 44- 45]
نَبَإِ: النبأ هو الخبر ذو الشأن العظيم