الآية رقم (34) - وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ

وهذا سيّدنا إبراهيم عليه السَّلام وهو جدّ النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾  ]الأنبياء[، ماذا كان الجواب بعد كلّ هذا الحوار والنّقاش الّذي تمّ ما بين سيّدنا إبراهيم الخليل وبين القوم الّذين عبدوا الأصنام والآلهة؟ الجواب: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء]، لم يجدوا حجّةً فعمدوا للإلغاء بالقوّة، ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء]، فمتى جاء نصر الله سبحانه وتعالى لسيّدنا إبراهيم عليه السَّلام؟ لقد جُمع النّاس وأوقدت النّيران، ومن ثمّ أُلقي بالمنجنيق فاعترضه جبريل عليه السَّلام قبل سقوطه في النّيران فسأله: “هل لك من حاجةٍ يا إبراهيم؟” فقال: أمّا إليك فلا، وأمّا لربّي فعلمه بحالي يكفي عن سؤالي، وسقط في النّار فتحوّلت برداً وسلاماً.

لقد مرّت آياتٌ كثيرةٌ تتحدّث عن الأنبياء عليهم السَّلام، وعن أقوامهم وإعراضهم وإيذائهم وسفاهتهم وحقدهم، وعن عدم وجود الحجّة والبرهان، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾.

وَلَقَدْ: الواو حرف قسم وجر واللام واقعة في جواب القسم المقدر أي، والله لقد كذبت، قد حرف تحقيق

كُذِّبَتْ رُسُلٌ: فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله والتاء الساكنة للتأنيث

مِنْ قَبْلِكَ: متعلقان بمحذوف صفة لرسل، وجملة كذبت لا محل لها لأنها واقعة في جواب القسم المقدر.

فَصَبَرُوا: فعل ماض والواو فاعله، والجملة معطوفة.

عَلى ما كُذِّبُوا: ما مصدرية وهي مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بعلى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

وَأُوذُوا: كذلك فعل ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعل والجملة معطوفة فهي تؤول بمصدر أيضا أي: صبروا على تكذيبهم وإيذائهم

حَتَّى: حرف غاية وجر

أَتاهُمْ نَصْرُنا: فعل ماض ومفعوله وفاعله

وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ: الواو حالية، لا نافية للجنس تعمل عمل إن

مُبَدِّلَ: اسمها مبني على الفتح.

لِكَلِماتِ: متعلقان بمحذوف خبرها.

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه، والجملة في محل نصب حال.

وَلَقَدْ جاءَكَ: فعل ماض والكاف مفعوله، فاعله محذوف تعلق بصفته الجار والمجرور (مِنْ نَبَإِ) أي: جاءك بعض من نبأ المرسلين. والجملة لا محل لها لأنها جواب قسم مقدر كسابقتها.

لِكَلِماتِ اللَّهِ: هي وعده ووعيده، وعده للرسل بالنصر، ووعيده لأعدائهم بالخذلان، كما قال تعالى في إنجاز الوعد: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة 58/ 21] وقوله: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات 37/ 171- 173] وقال عز وجل في إنزال الوعيد: (أَمْ يَقُولُونَ: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ، سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر 54/ 44- 45]

نَبَإِ: النبأ هو الخبر ذو الشأن العظيم