من الملاحظ أنّ المقرّبين من فرعون هم أوّل من خافوا على سلطانهم في هذا الموقف، ومن الملاحظ أيضاً من هذه الآية بأنّ فرعون ترك موسى ولم يفعل شيئاً معه بعد هذا الانتصار، فكان الرّعب قد دبّ في قلبه وهو يعلم في قرارة نفسه بأنّه ليس بإلهٍ، هو يدّعي أنّ هناك آلهةً في السّماء وأنّه إله الأرض، لذلك توضّح الآية كيف التفت الملأ إليه وقالوا: ﴿أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ ؛ أي قد تركك وترك عبادتك، بالتّأكيد هو لم يعبد فرعون ولا في يومٍ من الأيام، لكن هم يتجاوزون في ذلك بأنّه تركك ونكّل بك كإله الأرض -كما يدّعي فرعون- واتّهموا موسى بأنّه هو الّذي يفسد في الأرض ويفسد عبادة فرعون وما كانوا عليه من طغيانٍ وظلمٍ لشعب بني إسرائيل في ذلك الوقت، وهم المصلحون، فأجابهم فرعون:
﴿سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ﴾: هو من قبل أن يأتي موسى كان يقوم بقتل أبناء بني إسرائيل انتقاماً منهم؛ لأنّهم وقفوا مع الهكسوس ضدّ الفراعنة، فيقتل الذّكور من الأبناء ويترك النّساء زيادةً في الإذلال.
﴿وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾: لنا الغلبة ونحن الّذين نسيطر، فسنستمرّ في قتل أبنائهم واستحياء نسائهم، يقول ذلك بكلّ اعتدادٍ وسرفٍ وطغيانٍ.