﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ ﴾: نحن؛ أي الله سبحانه وتعالى، فهو الّذي يقصُّ ما حدث بالحقّ، فلو أنّ القاصَّ غير الله جل جلاله لتُوُقِّع منه الخطأ أو النّسيان، أو ترك شيءٍ من الأحداث لِهَوىً في نفسه، إنّما إنْ جاءك القصص من الله عز وجل فهو الحقّ، كما قال سبحانه وتعالى في آيةٍ أخرى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف: من الآية 3]، فهناك قصَصٌ ليس بالحسن، وهو القَصَص غير الدّقيق.
فالقصَصُ القرآنيّ يضمن لك منتهى الدّقّة في عرض الأحداث.
﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾: هؤلاء الفتية آمنوا بالله سبحانه وتعالى فحدثت مشكلةٌ؛ لأنّ قومهم مشركون وكفّارٌ، طاردوهم وحاربوهم وآذوهم وأجبروهم على الكفر، وبما أنّهم اختاروا الإيمان زدناهم هدىً، ولقد تحدّثنا في بداية سورة البقرة: بأنّ الهداية إمّا هداية دلالةٍ أو هداية معونةٍ، فالله سبحانه وتعالى يهدي البشر كلّهم، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: من الآية 9]، لكن هناك أناسٌ صمٌّ بكمٌ عميٌ لا يريدون الهداية، أمّا إذا أخذ الإنسان بهذه الهداية كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمّد]، فتأتي هداية المعونة، فهؤلاء الفتية اختاروا الإيمان فزادهم الله سبحانه وتعالى هدىً وإيماناً على إيمانهم.