الآية رقم (24) - مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ

﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَىٰ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ﴾: كلمة الفريق تعني جماعة يلتقون عند غايةٍ وهدفٍ واحدٍ، وكلّ جماعةٍ لها هدفٌ، فهما فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير.

يضرب الحقّ سبحانه وتعالى في هذه الآية المثل بأهمّ الحواسّ الإدراكيّة وهي السّمع والبصر، فهما المصدران الأساسيّان لأخذ المعلومات، إمّا المسموعة أو المرئيّة، ثمّ تتكوّن لديه قدرة الاستنباط ممّا سمعه بالأذن ورآه بالعين.

﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ ﴾: لا يشكّ كلٌّ من الأعمى أو الأصمّ أنّ من يرى أو يسمع هو خيرٌ منه، ولا يمكن أن يستوي الأعمى بالبصير، أو الأصمّ بمن يسمع، ولقد جاء الحقّ سبحانه وتعالى بالأشياء المتناقضة ليحكُم الإنسان السّامع أو القارئ لهذه الآية وليفصل بالحُكم الّذي يذكّره بالفارق بين الّذي يرى ومن هو أعمى، كذلك بين من يسمع ومن هو أصمّ، ومن الطّبيعيّ ألّا يستويان.

﴿ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾: أي ألا تعتبرون بوجود هذه الأشياء، وقد قال جلّ جلاله: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) ﴾ {الحجّ: من الآية 46}؛ أي أنّ الإنسان قد يكون مبصراً أو له أُذُنٌ تسمع لكنّه لا يستخدم حاسّة الإبصار أو حاسّة السّمع فيما خُلِقت من أجله في التقاط مجاهيل الأشياء.

وقد مثّل الله سبحانه وتعالى فريق الإيمان وفريق الشّرك والكفر بأنّهم كالأعمى والأصمّ والبصير والسّميع؛ لأنّ الإنسان عليه أن يأخذ الإيمان بالعلم ومن الآيات الدّالّة على وجود الله سبحانه وتعالىوأن يستخدم الحواسّ (السّمع والبصر) في أن يرى ممّا حوله من خلق الله سبحانه وتعالى ما يقوّي إيمانه، ثمّ تأتي قصّة نوح u، وهي قصّةٌ لها كثيرٌ من الأبعاد ولها خصوصيّاتٌ، فسيّدنا نوح  عليه السَّلام بقي تسع مئة وخمسين عاماً وهو يدعو قومه، وكانت النّتيجة هي الإغراق:

«مَثَلُ»: مبتدأ.

«الْفَرِيقَيْنِ»: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى.

«كَالْأَعْمى»: متعلقان بالخبر المحذوف.

«وَالْأَصَمِّ»: معطوف على الأعمى.

«وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ»: عطف على ما سبق.

«هَلْ»: حرف استفهام.

«يَسْتَوِيانِ»: مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة مستأنفة.

«أَفَلا»: الهمزة للاستفهام والفاء استئنافية ولا نافية.

«تَذَكَّرُونَ»: مضارع مرفوع والواو فاعل والجملةذ مستأنفة.

مَثَلُ: صفة.

الْفَرِيقَيْنِ: الكفار والمؤمنين.

كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ: هذا مثل الكافر، وتشبيه بالأعمى لتعاميه عن آيات الله، وبالأصم لعدم استماعه كلام الله تعالى وتدبر معانيه.

وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ: هذا مثل المؤمن لتبصره بالقرآن وسماعه له سماع تدبر وإمعان، فيكون كل واحد منهما مشبها باثنين.

أَفَلا تَذَكَّرُونَ: تتعظون، أصله: تتذكرون، فأدغم التاء في الذال.