﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾: الإيمان كما نعلم أمرٌ عقديّ يعلن فيه الإنسان إيمانه بإلهٍ واحدٍ موجودٍ، ويلتزم بالمنهج الّذي أنزله الله تعالى على رسوله الكريم، ومن آمن بالله سبحانه وتعالىعليه أن يعمل صالحاً؛ لأنّ فائدة الإيمان إنّما تتحقّق بالعمل الصّالح، وكما قال النّبيّ ﷺ: «الإيمان بضعٌ وسبعون، أو بضعٌ وستّون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلّا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطّريق»([1])، فهي شُعبةٌ من شُعب الإيمان، لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا ﴾ {الحجرات: من الآية 14}؛ أي اتّبعتم ظاهر الإسلام؛ لأنّ الّذين آمنوا عليهم أن يعملوا.
﴿ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ﴾: أي أن يكون كلّ ذلك بخضوعٍ، لذلك يُقال: رُبّ معصيةٍ أورثت ذُلّاً وانكساراً خيرٌ من طاعةٍ أورثت عزّاً واستكباراً، فكلمة أخبتوا؛ أي خضعوا خشيةً لله سبحانه وتعالى فهم لا يؤدّون فروض الإيمان لمجرّد رغبتهم في ألّا يعاقبهم الله جلّ جلاله، بل يؤدّون فروض الإيمان والعمل الصّالح خشيةً من الله U.
الخَبْتُ من الأرض: ما انخفَضَ واتَّسَعَ..، أخبت الشَّخصُ إليه- أخبت الشَّخصُ له: خضع وخشع وتواضع له، اطمأنَّ وسكن.
﴿ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾: أي الملازمون لها، وخلودهم في الجنّة يعني أنّهم يقيمون في النّعيم أبداً، فنعيم الجنّة دائمٌ على عكس نعيم الدّنيا الّذي قد يفوت الإنسان بالموت، أو يُسلب عنه هذا النّعيم؛ لأنّ الإنسان في الدّنيا عرضةٌ للأغيار.
(([1] صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، الحديث رقم (35).