الآية رقم (114) - لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا

النّجوى: هي أن يتناجى النّاس بالسّرّ، تبييتاً للإضلال، لكنّ الله سبحانه وتعالى لم يذمّ كلّ تبييتٍ، فقد استثنى منه: ﴿إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ التّبييت بخير، كمن يريد أن يأمر بصدقةٍ ويبيّت لها ويخفيها حتّى لا تدري شماله ما أنفقت يمينه، أو معروفٌ يريد أن يفعله الإنسان سرّاً أو يكون مبيّتاً، أو إصلاحٌ بين النّاس.

هل هناك في أيّ مجتمعٍ من المجتمعات يكون الحثّ في الدّين على الإصلاح بين النّاس، وعلى العدل والمعروف والصّدقة في السّرّ حتّى لا يتأذّى الفقير؟ هذه بعض تعاليم الإسلام، لذلك من هذه الآيات عندما تولّى سيّدنا عمر بن الخطّاب القضاء في عهد سيّدنا أبي بكر رضي الله عنه، طلب الإعفاء من القضاء، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: “يا عمر، أمن مشقّة القضاء تطلب الإعفاء؟”، فقال سيّدنا عمر: “يا أبا بكر، لا حاجة لي بقومٍ عرف كلّ منهم حدّه فوقف عنده، إذا مرض أحدهم عادوه، وإذا افتقر أغنوه، فلا حاجة لي بأناسٍ دينهم النّصيحة، وخُلُقهم القرآن”. فلا تحدث خصوماتٌ ولا تناقضٌ بين البشر، هذا هو دين الإسلام.

﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾: من يُسرّ النّجوى من أجل الصّدقة، والمعروف، والإصلاح بين النّاس، ومن أجل فعل الخير للغير، فأجره سيكون عند الله سبحانه وتعالى مع مرضاته سبحانه وتعالى وجنّاتٍ في نعيمٍ مقيمٍ.

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ: لا نافية للجنس واسمها المبني على الفتح والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبرها

مِنْ نَجْواهُمْ: متعلقان بمحذوف صفة كثير

إِلَّا مَنْ أَمَرَ: إلا أداة استثناء من اسم موصول مبني على السكون في محل جر بدل من نجوى على تقدير مضاف أي إلا نجوى من أمر.

أَمَرَ: الجملة صلة.

بِصَدَقَةٍ: متعلقان بأمر

أَوْ مَعْرُوفٍ: عطف

أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ: بين متعلق بالمصدر إصلاح الناس مضاف إليه.

وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ: فعل الشرط مجزوم واسم الإشارة مفعوله وفاعله مستتر واسم الشرط مبتدأ

ابْتِغاءَ: مفعول لأجله

مَرْضاتِ: مضاف إليه

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه وجملة ومن يفعل استئنافية

فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً: فعل مضارع ومفعولاه وفاعله مستتر عظيما صفة سوف حرف للإستقبال. وفعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من

جملة «فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ» في محل جزم جواب الشرط.

نَجْواهُمْ النجوى: المسارّة بالحديث أو السر بين اثنين، أي لا خير في كثير من نجوى الناس أي ما يتناجون فيه ويتحدثون إلا نجوى من أمر بصدقة أو معروف (عمل بر) أو إصلاح بين الناس.

ويصح كونه جمع نجي بمعنى جماعة المتناجين، أي المتسارّين أَوْ مَعْرُوفٍ ما يقره الشرع والعقل الصحيح وتتلقاه النفوس بالقبول

ابْتِغاءَ طلب مَرْضاتِ اللَّهِ: لا غيره من أمور الدنيا.