النّجوى: هي أن يتناجى النّاس بالسّرّ، تبييتاً للإضلال، لكنّ الله سبحانه وتعالى لم يذمّ كلّ تبييتٍ، فقد استثنى منه: ﴿إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ التّبييت بخير، كمن يريد أن يأمر بصدقةٍ ويبيّت لها ويخفيها حتّى لا تدري شماله ما أنفقت يمينه، أو معروفٌ يريد أن يفعله الإنسان سرّاً أو يكون مبيّتاً، أو إصلاحٌ بين النّاس.
هل هناك في أيّ مجتمعٍ من المجتمعات يكون الحثّ في الدّين على الإصلاح بين النّاس، وعلى العدل والمعروف والصّدقة في السّرّ حتّى لا يتأذّى الفقير؟ هذه بعض تعاليم الإسلام، لذلك من هذه الآيات عندما تولّى سيّدنا عمر بن الخطّاب القضاء في عهد سيّدنا أبي بكر رضي الله عنه، طلب الإعفاء من القضاء، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: “يا عمر، أمن مشقّة القضاء تطلب الإعفاء؟”، فقال سيّدنا عمر: “يا أبا بكر، لا حاجة لي بقومٍ عرف كلّ منهم حدّه فوقف عنده، إذا مرض أحدهم عادوه، وإذا افتقر أغنوه، فلا حاجة لي بأناسٍ دينهم النّصيحة، وخُلُقهم القرآن”. فلا تحدث خصوماتٌ ولا تناقضٌ بين البشر، هذا هو دين الإسلام.
﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾: من يُسرّ النّجوى من أجل الصّدقة، والمعروف، والإصلاح بين النّاس، ومن أجل فعل الخير للغير، فأجره سيكون عند الله سبحانه وتعالى مع مرضاته سبحانه وتعالى وجنّاتٍ في نعيمٍ مقيمٍ.