قَامَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً»([1])، فقُم اللّيل للصّلاة والعبادة، واهجر فراشك وما تتزمّل به وتتغطّى وانهض لتقوم بين يديّ، فصلِّ اللّيل إلّا قليلاً تنام فيه وهو الثّلث، تقوم مُصليّاً ثلثي اللّيل وتنام الثّلث الباقي، وقد يسأل سائل: هل هذا الخطاب لرسول الله تعالى وحده، أو أنّ أمّته مخاطبة أيضاً، وقد ورد ما يثبت أنّ الخطاب كان لرسول الله ﷺ ومعه أمّته، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَتْ لَنَا حَصِيرَةٌ نَبْسُطُهَا بِالنَّهَارِ، وَنَتَحَجَّرُهَا عَلَيْنَا بِاللَّيْلِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيْلَةً، فَسَمِعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ صَلَاتَهُ، فَأَصْبَحُوا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّاسِ، فَكَثُرَ النَّاسُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ عز وجل لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: ” كَانَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَدْوَمَهَا، وَإِنْ قَلَّ”([2])، وقد كان الرّجل يربط الحبل ويتعلّق فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرحمهم الله تعالى فردّهم إلى الفريضة وترك قيام اللّيل.
([1]) صحيح البخاريّ: كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ، بَابُ ﱣﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕﱖﱢ [الفتح]، الحديث رقم (4836).
([2]) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند النّساء، مُسْنَدُ الصِّدِّيقَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ 7، الحديث رقم (24323).