الآية رقم (13) - فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

﴿فَبِمَا نَقْضِهِم﴾: لا يوجد حرفٌ في كتاب الله سبحانه وتعالى إلّا وله دلالةٌ، فلو قال سبحانه وتعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم) لصحّت في اللّغة، لكن طالما أنّ الكلام قرآنيٌّ فهو الكمال والتّمام، فالمراد هنا: بأيّ نقضٍ من أعمالكم نقضتم؟ أي نقضتم آلاف المرّات وليس مرّةً واحدةً. فلو قال المولى سبحانه وتعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم) لكان نقضاً واحداً للميثاق، أمّا هنا فالمراد: بكثرة ما نقضتم ميثاقكم؛ لذلك انتبه لنقطةٍ مهمّةٍ في القرآن الكريم، وهي أنّ الحرف في كتاب الله سبحانه وتعالى يُعطي معنىً ونحن نعتقد أنّه حرفٌ زائدٌ، ولا يوجد شيءٌ زائدٌ في القرآن الكريم على الإطلاق، ونأخذ المثال الآتي: يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: من الآية 17]، وفي آيةٍ أخرى يقول عزَّ وجل: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشّورى]، والفارق وجود اللّام ﴿لَمِنْ﴾ ولا يوجد تكرار في القرآن؛ لأنّ المراد من الآية الأولى: واصبر على ما أصابك من موت حبيبٍ أو مرضٍ أو ما شابه، فليس هناك غريمٌ لك فيما يُصيبك، أمّا الآية الثّانية: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ﴾ توجد كلمة (غفر) أي يوجد غريمٌ، وهناك من آذاك، لذلك الصّبر هنا بحاجةٍ لتوكيد، فجاءت لام التّوكيد: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾.

فَبِما نَقْضِهِمْ: جار ومجرور متعلقان بلعناهم وما زائدة

مِيثاقَهُمْ: مفعول به للمصدر قبله

لَعَنَّاهُمْ: فعل ماض وفاعل ومفعول به

وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً: قاسية مفعول به ثان والجملة معطوفة

يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ: الجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة في محل نصب حال

وَنَسُوا حَظًّا: الجملة معطوفة «مِمَّا» متعلقان بمحذوف صفة حظاً

ذُكِّرُوا بِهِ: ذكروا فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور والواو نائب فاعله والجملة صلة الموصول.

وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ: لا تزال مضارع ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره: أنت وجملة تطلع خبرها

مِنْهُمْ: متعلقان بخائنة

إِلَّا: أداة استثناء

قَلِيلًا: مستثنى منصوب تعلق به الجار والمجرور بعده.

فَاعْفُ عَنْهُمْ: اعف فعل أمر مبني على حذف حرف العلة تعلق به الجار والمجرور بعده والفاعل أنت والفاء هي الفصيحة والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها.

وَاصْفَحْ: عطف

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ: الجملة تعليلية لا محل لها.

يُحِبُّ: خبر إن.

لَعَنَّاهُمْ: طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا قاسِيَةً شديدة جامدة لا تلين لقبول الحق والخير والإيمان

يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ: التحريف: إمالة الشيء عن موضعه إلى جانب آخر، فاليهود يحرفون الكلام الذي في التوراة من نعت محمد صلّى الله عليه وسلّم وغيره عن مواضعه التي وضعه الله عليها، أي يبدلونه.

وَنَسُوا: تركوا

حَظًّا: نصيباً

مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ: أمروا به في التوراة من اتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم.

وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ: خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وتطلع: تظهر

عَلى خائِنَةٍ: أي خيانة مِنْهُمْ بنقض العهد وغيره

إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ: ممن أسلم.