الآية رقم (157) - الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

قطع الحديث عن سيّدنا موسى عليه السّلام، وهذه عظمة القرآن الكريم، فهو لا يذكر لك قصّة موسى وشعب بني إسرائيل، وإنّما هي عظةٌ وعبرةٌ، هي وظائف إيمانيّةٌ وإيمانٌ متكاملٌ، فالرّسالات كلّها من لدن الله سبحانه وتعالى، فيتنقّل بين الرّسالات ليعطي الوظيفة الإيمانيّة للمؤمنين بالله سبحانه وتعالى ، فانتقل مباشرةً إلى قوله: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾؛ لأنّ اليهود كانوا أكثر المناوئين للإيمان بسيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فعندما تحدّث عن الرّحمة ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ أردفها مباشرةً بقوله: ﴿الَّذِينَ﴾ من هم الّذين خصّهم الله سبحانه وتعالى بهذه الرّحمة؟ ﴿يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾: الرّسول؛ أي معه الرّسالة، والنّبيّ؛ أي أنّه مُنبّأ، هناك فارقٌ بين الرّسول والنّبيّ، هناك أنبياء كثر ليس لديهم رسالةٌ، وإنّما يأتون على إثر رسالة أنبياء سابقين، والنّبي صلّى الله عليه وسلّم هو رسولٌ ونبيّ.

الَّذِينَ: اسم موصول بدل من الذين في الآية السابقة.

يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ: فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة صلة الموصول.

النَّبِيَّ: بدل.

الْأُمِّيَّ: بدل ثان.

واسم الموصول الَّذِي: بدل ثالث.

يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً: فعل مضارع وفاعله ومفعولاه.

عِنْدَهُمْ: ظرف مكان متعلق بمكتوبا.

فِي التَّوْراةِ: متعلقان بمحذوف حال

وَالْإِنْجِيلِ: معطوف.

يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ: الجملة الفعلية في محل نصب حال.

وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ: الجمل الفعلية بعدها معطوفة عليها.

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ: مضارع ومفعوله والفاعل هو والجار والمجرور متعلقان بالفعل.

وَالْأَغْلالَ: عطف

الَّتِي: اسم موصول في محل نصب صفة للأغلال.

كانَتْ: فعل ماض وناقص واسمها ضمير مستتر.

عَلَيْهِمُ: متعلقان بمحذوف خبر كانت والجملة صلة.

فَالَّذِينَ: اسم موصول في محل رفع مبتدأ، والفاء استئنافية وجملة (آمَنُوا) صلة الموصول

بِهِ: متعلقان بآمنوا

وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا: الجمل معطوفة

النُّورَ: مفعول به.

الَّذِي: اسم موصول في محل نصب صفة النور.

أُنْزِلَ مَعَهُ: ماض مبني للمجهول تعلق به الظرف معه ونائب الفاعل محذوف والجملة صلة الموصول.

أُولئِكَ: اسم إشارة في محل رفع مبتدأ.

هُمُ: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ثان أو ضمير فصل لا محل له.

الْمُفْلِحُونَ: خبر هم والجملة الاسمية هم المفلحون في محل رفع خبر أولئك. وجملة أولئك هم المفلحون خبر اسم الموصول فالذين.

النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ: النبي لغة مأخوذ من النبوة وهي الارتفاع، ومن النبأ: وهو الخبر المهم العظيم الشأن، وفي الشرع: هو من أوحى الله إليه بشرع ولم يأمره بتبليغه.

والرسول: هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه. ولا يشترط الاستقلال بالشرع أو بالكتاب، بل قد يكون تابعاً لشرع غيره كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يتبعون التوراة.

والأمي: الذي لم يقرأ ولم يكتب، ولقب العرب بالأميين كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ)[الجمعة 62/ 2] وحكى تعالى عن أهل الكتاب: (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا: لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)[آل عمران 3/ 75] والنبي الأمي: هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ: باسمه ووصفه

بِالْمَعْرُوفِ: ما تعارفت العقول السليمة والفطر النقية على حسنه، وذلك موافق لما ورد الأمر به في الشرع.

الْمُنْكَرِ: ما تنكره النفوس والشرائع لمصادمته للفطرة والمصلحة.

الطَّيِّباتِ: ما تستطيبه الأنفس والطباع السليمة من الأطعمة، ومعنى قوله:

وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ: أي مما حرم في شرعهم

الْخَبائِثَ: ما تستخبثه الطباع السليمة وتنفر منه كالميتة والدم المسفوح، أو يكون سبباً في الضرر البدني كالخنزير الذي يسبب أكله الدودة الوحيدة وغيرها من المضار، أو الضرر الديني كالمذبوح الذي يتقرب به لغير الله.

والخبيث من الأموال: ما يؤخذ بغير حق كالربا والرشوة والسرقة والغضب ونحو ذلك من المكاسب الخبيثة.

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ: الإصر: الثقل الذي يأصر صاحبه أي يحبسه من الحركة لثقله، مثل اشتراط قتل الأنفس بالتقاتل في صحة توبتهم

وَالْأَغْلالَ: الشدائد أو التكاليف الشاقة، والأغلال جمع غل: وهو القيد الذي تربط به يد الجاني إلى عنقه. والمراد هنا: ما كان في شرائعهم من الأشياء الشاقة، مثل إيجاب القصاص في القتل مطلقا، عمدًا كان أو خطأ، من غير شرع الدية، وقطع الأعضاء الخاطئة، وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب، وإحراق الغنائم، وتحريم العروق في اللحم، وتحريم السبت أي تحريم العمل فيه.

فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: منهم

وَعَزَّرُوهُ: أي أعانوه ومنعوه حتى لا يقوى عليه عدو، أي حاموا عنه

النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ: أي القرآن، وإنما أنزل مع جبريل، فالمراد: أنزل مع نبوته، وصارت نبوته مصحوبة بالقرآن.