القضيّة في الآيات الّتي مرّت معنا هي قضيّة اقتصاديّة، وعماد الاقتصاد الإسلاميّ قائمٌ على تحقيق الاقتصاد السّليم في المجتمع من خلال الزّكاة والصّدقات وكيفيّة أداء فعل الزّكاة الّتي هي فعل عمل اقتصاديّ. ولا بدّ من بيان أنّ طريقة التّعامل بين الغنيّ والفقير يعتريها قضيّة خطيرة اقتصاديّة يقوم عليها الاقتصاد الرّأسماليّ الآن أو اقتصاد معظم الدّول، وهي الرّبا.
وتعريف الرّبا: هو الزّائد، وهو أن تستغلّ حاجة المحتاج وتضاعف مالك من خلال استغلال احتياجه، إذاً هو أسوأ صورة من صور العمل الاقتصاديّ؛ لذلك قال بعض العلماء الاقتصاديّين: لا يكون الاقتصاد سليماً إلّا إذا كانت الفائدة صفراً، يعني لا يوجد ربا، إذاً الرّبا هو استغلال حاجة المحتاج، ماذا يحدث؟ لماذا هذه العلاقة علاقة بشعة؟ الّذي يحدث أنّ هذا غنيّ وهذا محتاج فقير، الغنيّ يضمن أن يعيد ماله وزيادة من المال الّذي أقرضه للفقير، الّتي هي الرّبا، أو ما تُسمّى في أيّامنا: الفائدة، فإذاً هو استغلّ الحاجة وإضافة لاستغلاله للحاجة كسب على قدر حاجة المحتاج، وتأتي الآيات هنا لتبيّن خطورة الرّبا في المجتمع الّذي هو أساس الفساد الاقتصاديّ، فعلّة وآفة المال الرّبا، فإذا ظهر الزّنا والرّبا في قوم فقد أحلّوا بأنفسهم سخط وعذاب الله.