الآية رقم (275) - الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

القضيّة في الآيات الّتي مرّت معنا هي قضيّة اقتصاديّة، وعماد الاقتصاد الإسلاميّ قائمٌ على تحقيق الاقتصاد السّليم في المجتمع من خلال الزّكاة والصّدقات وكيفيّة أداء فعل الزّكاة الّتي هي فعل عمل اقتصاديّ. ولا بدّ من بيان أنّ طريقة التّعامل بين الغنيّ والفقير يعتريها قضيّة خطيرة اقتصاديّة يقوم عليها الاقتصاد الرّأسماليّ الآن أو اقتصاد معظم الدّول، وهي الرّبا.

وتعريف الرّبا: هو الزّائد، وهو أن تستغلّ حاجة المحتاج وتضاعف مالك من خلال استغلال احتياجه، إذاً هو أسوأ صورة من صور العمل الاقتصاديّ؛ لذلك قال بعض العلماء الاقتصاديّين: لا يكون الاقتصاد سليماً إلّا إذا كانت الفائدة صفراً، يعني لا يوجد ربا، إذاً الرّبا هو استغلال حاجة المحتاج، ماذا يحدث؟ لماذا هذه العلاقة علاقة بشعة؟ الّذي يحدث أنّ هذا غنيّ وهذا محتاج فقير، الغنيّ يضمن أن يعيد ماله وزيادة من المال الّذي أقرضه للفقير، الّتي هي الرّبا، أو ما تُسمّى في أيّامنا: الفائدة، فإذاً هو استغلّ الحاجة وإضافة لاستغلاله للحاجة كسب على قدر حاجة المحتاج، وتأتي الآيات هنا لتبيّن خطورة الرّبا في المجتمع الّذي هو أساس الفساد الاقتصاديّ، فعلّة وآفة المال الرّبا، فإذا ظهر الزّنا والرّبا في قوم فقد أحلّوا بأنفسهم سخط وعذاب الله.

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا: مثل قوله تعالى «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ» في الإعراب

لا يَقُومُونَ: لا نافية يقومون فعل مضارع وفاعل

إِلَّا: أداة حصر

كَما: الكاف حرف جر ما مصدرية

يَقُومُ: فعل مضارع والمصدر المؤول من ما والفعل في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف والتقدير: لا يقومون إلا قياما كقيام الذي

الَّذِي: اسم موصول فاعل وجملة لا يقومون في محل رفع خبر المبتدأ الذين

يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ: فعل مضارع ومفعوله والشيطان فاعل من المس متعلقان بيقومون أو يتخبطه وجملة يتخبطه صلة الموصول.

ذلِكَ: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب.

بِأَنَّهُمْ: الباء حرف جر أنهم أن واسمها جملة «قالُوا» خبرها وأن واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ ذلك أي: ذلك كائن بسبب قولهم، والجملة الاسمية استئنافية

إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا: إنما كافة ومكفوفة البيع مثل مبتدأ وخبر الربا مضاف إليه والجملة مقول القول

وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ: الواو حالية وفعل ماض ولفظ الجلالة فاعل والبيع مفعول به والجملة في محل نصب حال

وَحَرَّمَ الرِّبا: معطوفة عليها

فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ: الفاء استئنافية من اسم شرط مبتدأ وفعل ماض ومفعول به وموعظة فاعل وتعلق الجار والمجرور بالفعل وهو في محل جزم فعل الشرط «فَانْتَهى» الفاء عاطفة وجملة انتهى عطفت على جاءه

فَلَهُ: الفاء رابطة لجواب الشرط والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ «ما» .

جملة «سَلَفَ» صلة الموصول ما

وَأَمْرُهُ: الواو حالية وأمره مبتدأ مرفوع

إِلَى اللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بإلى متعلقان بالخبر المحذوف والجملة حالية

جملة «فَلَهُ ما سَلَفَ» في محل جزم جواب الشرط.

وَمَنْ عادَ: الواو عاطفة من اسم شرط مبتدأ عاد في محل جزم فعل الشرط.

فَأُولئِكَ: الفاء رابطة للجواب أولئك اسم إشارة مبتدأ

أَصْحابُ: خبر

النَّارِ: مضاف إليه

جملة «فَأُولئِكَ» جواب الشرط

هُمْ فِيها خالِدُونَ: مبتدأ وخبر والجار والمجرور متعلقان بخالدون والجملة حالية.

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا: أي يأخذون

عبّر بالأكل عن الأخذ أو الانتفاع بالرّبا لأنه الغرض الأساسى منه، أي أن أغلب حالات الانتفاع هو الأكل.

والرّبا في اللغة: الزّيادة

وفي الشرع: زيادة مال مخصوص بلا عوض في معاوضة مال بمال، أو الزّيادة في المعاملة من بيع أو قرض بالنقود والمطعومات في القدر أو الأجل.

وهذا في رأي الشافعية، وحصره المالكية في ربا الفضل بالمقتات المدّخر، وأما في ربا النّسيئة فهم كالشافعية.

وعمه الحنفية والحنابلة على كل مكيل وموزون.

لا يَقُومُونَ: أي من قبورهم.

يَتَخَبَّطُهُ: يصرعه.

الْمَسِّ: الجنون والصرع.

بِأَنَّهُمْ: بسبب أنهم.

مَوْعِظَةٌ: وعظ وزجر.

فَلَهُ ما سَلَفَ: أي لا يسترد منه ما أخذه قبل النّهي.

وَأَمْرُهُ: في العفو عنه إلى الله.

وَمَنْ عادَ: إلى أكل الرّبا مشبّها له بالبيع في الحلّ.

يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا: ينقصه ويذهب بركته.

وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ: يزيدها وينميها ويضاعف ثوابها.

كَفَّارٍ: مقيم على كفره بتحليل الرّبا.

أَثِيمٍ: فاجر أي بأكله الرّبا، ومصرّ على الإثم ومبالغ فيه.