الآية رقم (9) - اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ

﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا﴾: ينقلنا القرآن الكلام فنسمع إخوة يوسف وهم يتحدّثون مع بعضهم، منهم مَن قال: اقتلوه، ومنهم مَن قال: لا، بل اطرحوه أرضًا؛ أي أبعدوه إلى أيّ أرضٍ، ومن المؤكّد أنّه سيموت إذا طرحوه أرضًا.

فنجد هنا أنّ الشّيطان تدخّل، فهو يمرّ على القلب وينكت فيه، وهذا هو الحسد، حتّى لو كانوا إخوةً، وحتّى ولو كانوا في رعاية نبيٍّ كريمٍ، فعندما يدخل الحسد يؤدّي إلى القتل، فهو ليس مرضًا بالنّفس فقط، بل قد يؤدّي إلى اختلال الموازين كلّها، فلا يعرف الإنسان الصّواب من الخطأ، ولا يعرف الحقّ من الباطل.

﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾: أي محبّة الأب.

﴿وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾: نتخلّص منه، ثمّ بعدها نتوب عن هذه الجريمة. وهنا نتساءل: هل يجوز أن نُعدّ التّوبة مسبقًا قبل ارتكاب الإثم؟ الجواب: بالتّأكيد لا، فهذا خداعٌ، وحاشا لله عزَّ وجلّ أن يخدعه العباد، فالتّوبة لا تُعدّ سلفًا، ولا يجوز أن نقول: إنّنا نريد أن نعصي الله سبحانه وتعالى، ونتوب بعدها، فلا تُقبل التّوبة إذا كانت مُعدّةً وجاهزةً.

«اقْتُلُوا»: أمر وفاعله.

«يُوسُفَ»: مفعول به منصوب والجملة مقول القول لفعل محذوف تقديره قال قائل منهم اقتلوا.

«أَوِ»: عاطفة.

«اطْرَحُوهُ»: أمر وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة.

«أَرْضاً»: ظرف مكان أو مفعول به ثان.

«يَخْلُ»: مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف حرف العلة.

«لَكُمْ»: متعلقان بيخل.

«وَجْهُ»: فاعل.

«أَبِيكُمْ»: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة والكاف مضاف إليه.

«وَتَكُونُوا»: الواو عاطفة ومضارع ناقص معطوف على يخل مجزوم مثله بحذف النون والواو اسمها.

«مِنْ بَعْدِهِ»: متعلقان بصالحين والهاء مضاف إليه.

«قَوْماً»: خبر.

«صالِحِينَ»: صفة منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

اقْتُلُوا يُوسُفَ: من جملة المحكي بعد قوله: إذ قالوا، كأنهم اتفقوا على ذلك الأمر إلا من قال: لا تقتلوا يوسف.

أَرْضاً: أي بأرض بعيدة من العمران.

يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ: يصف لكم، فيقبل عليكم ولا يلتفت إلى غيركم.

مِنْ بَعْدِهِ: من بعد يوسف أو من بعد قتله أو طرحه.

صالِحِينَ: تائبين إلى الله تعالى عما جنيتم، بأن تتوبوا، أو صالحين مع أبيكم، أو في أمر دنياكم.