الآية رقم (8) - إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ

﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا﴾: يتحدّثون مع بعضهم ويقولون: إنّ يوسف وأخاه بنيامين أحبّ إلى أبينا منّا، وقد كان بنيامين ويوسف يتيمَي الأمّ، وكانا صغيرين، لذلك كان النّبيّ يعقوب عليه السّلام يحرص عليهما، وهو يعدل بين أولاده، فالعدل يجب أن يكون في العطاء ولا يجوز التّفريق بين الأولاد، لكن عندما يكون الولد يتيم الأمّ أو صغيرًا أو مريضًا.. فيجوز الاهتمام به أكثر، ويجب العدل بين الأبناء في العطايا، عن النّعمان ابن بشير قال: تصدّق عليّ أبي ببعض ماله، فقالت أُمّي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتّى تُشهد رسول الله ﷺ، فانطلق أبي إلى النّبيّ ﷺ ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله ﷺ: «أفعلت بولدك هذا كلّهم؟»، قال: لا، قال «اتّقوا الله واعدلوا في أولادِكم»، فرجع أبي فردّ تلك الصّدقة([1])، فالعدل في العطاء وليس في القلب والمحبّة، والنّبيّ لا يرتكب الأخطاء، فالنّبيّ يعقوب عليه السّلام كان يعدل بين أولاده الاثني عشر، ولكنّه كان يخصّ يوسف بمحبّةٍ قلبيّةٍ خاصّةٍ؛ لأنّه يتيمٌ وصغيرٌ، والسّبب الثّاني هو الرّؤيا الّتي قصّها على أبيه فتبيّن له أنّه سيرث إبراهيم وإسحاق وسيكون نبيًّا.

﴿وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾: أي قوّةٌ مجموعةٌ.

﴿إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾: أي أنّه في خطأٍ كبيرٍ، وليس المقصود بالضّلال هنا معناه العامّ بأن يعلم الحقّ ويحيد عنه، بل بمعنى أنّه لا يهتدي الطّريق، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ﴾ {الضّحى}؛ أي أنّك لا تعرف الطّريق فهداك إلى الطّريق المستقيم، فهم قصدوا أنّ أباهم لا يعرف طريق الحقّ، إذًا تولَّد الحسد في قلوب الإخوة مع أنّهم أبناء نبيٍّ، وهذا درسٌ لكلّ النّاس كي يتّعظوا ويعلموا خطر الحسد.

([1]) صحيح مسلم: كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، الحديث رقم (1623).

«إِذْ»: ظرف زمان متعلق بفعل اذكر المحذوف.

«قالُوا»: ماض وفاعله والجملة مضاف إليه.

«لَيُوسُفُ»: اللام لام الابتداء ويوسف مبتدأ.

«وَإِخْوَتِهِ»: معطوف على يوسف والهاء مضاف إليه.

«أَحَبُّ»: خبر والجملة مقول القول.

«إِلى»: حرف جر.

«أَبِينا»: مجرور بإلى وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة ونا مضاف إليه.

«مِنَّا»: متعلقان بأحب.

«وَنَحْنُ عُصْبَةٌ»: الواو حالية ومبتدأ وخبر والجملة حالية.

«إِنَّ»: حرف مشبه بالفعل.

«أَبانا»: اسم إن منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة ونا مضاف إليه.

«لَفِي ضَلالٍ»: اللام المزحلقة ومتعلقان بالخبر المحذوف.

«مُبِينٍ»: صفة لضلال والجملة في محل نصب مقول القول.

إِذْ قالُوا: اذكر حين قال بعض إخوة يوسف لبعضهم.

وَأَخُوهُ: بنيامين.

عُصْبَةٌ: جماعة رجال ما بين الواحد والعشرة.

لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ: خطأ بيّن، بإيثارهما علينا وتفضيله المفضول، أو لترك العدل في المحبة. روي أن يوسف كان أحب إلى أبيه، لما يرى فيه المخايل، وكان إخوته يحسدونه، فلما رأى الرؤيا ضاعف له المحبة، بحيث لم يصبر عنه، فتبالغ حسدهم حتى حملهم على التعرض له.