الآية رقم (38) - أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

تحدّاهم الله سبحانه وتعالى أن يأتوا بسورةٍ من مثله، والآية السّابقة تقرّر أنّه بين القرآن الكريم وبين الكتب السّابقة تصديقٌ متبادلٌ، وقد بيّن سبحانه وتعالى أنّهم لن يستطيعوا الإتيان بمثل هذا القرآن، فقال: ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ {الإسراء}، ثمّ تحدّاهم بأن يأتوا بعشر سورٍ، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾ {هود: من الآية 13}، فلم يستطيعوا الإتيان بعشر سورٍ ولا حتّى بسورةٍ واحدةٍ ولا بكلمةٍ واحدةٍ من مثل ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى، فكيف بعد ذلك يدّعون أنّ محمّداً صلى الله عليه وسلم قد افترى القرآن الكريم؟ فالله سبحانه وتعالى هو الوحيد القادر على أن ينزّل قرآناً بهذا الإحكام، لذلك دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعوا شركاءهم، وقد كان القرآن الكريم معجزة الرّسول في قومٍ فصحاء يعقدون للشّعر أسواقاً، ويعلّقون الفائز من هذا الشّعر على جدران الكعبة شُهرةً وشهادةً له، فهم أصحاب درايةٍ في صناعة الكلام، فجاءت معجزة الرّسول صلى الله عليه وسلم من جنس ما نبغوا به ليتحدّاهم، والتّحدّي يستدعي استجماع قوّة الخصم للرّدّ على الــمُتحدّى، فإذا عجز عن التّحدّي يصير العجز مُلزماً.

«أم»: عاطفة.

«يَقُولُونَ»: مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة.

«افْتَراهُ»: ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة مقول القول.

«قُلْ»: أمر فاعله مستتر والجملة مستأنفة.

«فَأْتُوا»: الفاء الفصيحة وأمر وفاعله والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم.

«بِسُورَةٍ»: متعلقان بأتوا.

«مِثْلِهِ»: صفة لسورة والهاء مضاف إليه.

«وَادْعُوا»: الواو عاطفة وأمر وفاعله والجملة معطوفة.

«مَنِ»: اسم موصول مفعول به.

«اسْتَطَعْتُمْ»: ماض وفاعله والجملة صلة.

«مِنْ دُونِ»: متعلقان بمحذوف حال.

«اللَّهِ»: لفظ الجلالة مضاف إليه.

«إِنْ»: شرطية.

«كُنْتُمْ»: كان واسمها والجملة ابتدائية.

«صادِقِينَ»: خبر منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أي بل أيقولون: اختلقه محمد، والهمزة للإنكار.

فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ: في الفصاحة والبلاغة وحسن النظم وقوة المعنى، على وجه الافتراء فإنكم عرب فصحاء، مثلي في العربية والفصاحة، وأشدّ تمرنا في النظم والعبارة.

وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ: ومع ذلك فاستعينوا بمن أمكنكم أن تستعينوا به.

مِنْ دُونِ اللَّهِ: سوى الله أو غيره، فإنه وحده قادر على ذلك.

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: في أنه افتراء وأنه اختلقه، فلم يقدروا على ذلك.