الآية رقم (111) - وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

هذه قضيّة عقيدة، وحين ترى آية فيها ذكر اليهود والنّصارى عليك أن تفرّق بين اليهود من جهة وبين النّصارى من جهة أخرى بحسب موقفهم من المسلمين. وهناك من يحاول أن يشوّه العلاقة بين الإسلام والمسيحيّة، وحين تحدّثت الآيات عن أهل الكتاب جرّمت اليهود وذكرت عداءهم للمسلمين فقال سبحانه وتعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ [المائدة: من الآية 82]، أمّا حين تحدّثت عن النّصارى فقد أعطت حكماً عامّاً فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى [المائدة: من الآية 82]، وكلّ ما ورد في القرآن عن اليهود كان تقريعاً لهم، أمّا النّصارى فقد امتدحهم القرآن الكريم.

وما جاء في هذه الآية فهو توصيف لحالة أناس وأشخاص وليس تعميماً، وهذه حريّة اعتقاد والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: من الآية 256]، وديننا يكرم السيّد المسيح وأمّه السيّدة مريم العذراء، وقد جاءت في القرآن الكريم سورة باسم (آل عمران) منها قوله: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [آل عمران: من الآية 35] وامرأة عمران هي جدّة السيّد المسيح ووالدة السيّدة مريم، ولا يمكن لمسلم أن يسيء للمسيحيّين أو لمعتقدات المسيحيّة ويدّعي أنّه يجد ذلك في القرآن الكريم. وإذا كان اليهود والنّصارى يرون أنّه لن يدخل الجنّة إلّا من كان على دينهم فهذا أمرٌ اعتقاديّ، وقد كانت مجموعة من كلّ فريق تقول ذلك، وهي قضيّة تحتاج إلى برهان، ولسنا نحن من نحدّد فالحكم لله. ﴿تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة]، وأيّة قضيّة تحتاج إلى برهان، حتّى قضيّة الدّخول إلى الجنّة.

وَقالُوا: الواو حرف عطف قالوا فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل والجملة معطوفة على جملة ود كثير.

لَنْ: حرف ناصب.

يَدْخُلَ: مضارع منصوب.

الْجَنَّةَ: مفعول به منصوب على التوسع في إسقاط الخافض وقيل ظرف مكان والجملة مقول القول في محل نصب مفعول به.

إِلَّا: أداة حصر.

مَنْ: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

كانَ: فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو.

هُوداً: خبرها.

أَوْ نَصارى: معطوف على هودا وجملة كان هودا صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

تِلْكَ: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب واللام للبعد.

أَمانِيُّهُمْ: خبر مرفوع والجملة اعتراضية بين وقالوا وبين قل هاتوا برهانكم.

قُلْ: فعل أمر.

هاتُوا: فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة والواو فاعل والجملة مقول القول في محل نصب.

بُرْهانَكُمْ: مفعول به والكاف في محل جر بالإضافة والميم لجمع الذكور والجملة استئنافية لا محل لها من الإعراب.

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: سبق إعراب ما يشبهها في الآية «91» .

هُوداً: جمع هائد، وهم اليهود.

أَوْ نَصارى: أتباع المسيح، قال ذلك يهود المدينة ونصارى نجران، لما تناظروا بين يدي النّبي صلّى الله عليه وسلّم، أي قال اليهود:

لن يدخلها إلا اليهود، وقال النصارى: لن يدخلها إلا النصارى.

تِلْكَ القولة أَمانِيُّهُمْ: شهواتهم الباطلة

الأماني: جمع أمنية، وهي ما يتمناه المرء ولا يدركه. والعرب تسمي كل ما لا حجة عليه ولا برهان له تمنيًا وغروراً، وضلالاً

هاتُوا بُرْهانَكُمْ: حجتكم على ذلك.