﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ﴾: لقد سلّط الله سبحانه وتعالى على قريش القحط، فمرّوا بسنواتٍ كتلك الّتي أصابت مصر في أيّام يوسف عليه السلام، ثمّ جاء لهم بالرّحمة من بعد ذلك، ومن المفروض أن يعودوا ويؤمنوا برسالة رسول الله ﷺ بعد أن علموا أنّ ما مسّهم من الجدب والقحط كان بسبب مكرهم بالنّبيّ ﷺ، فالمولى سبحانه وتعالى أذاقهم رحمةً من بعد الضّرّاء الّتي مسّتهم.
﴿إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا ﴾: الكلام الملتوي الّذي لا يريد أن يعترف برحمة الله سبحانه وتعالى، والادّعاء أن سقوط المطر كان بالحظّ؛ أي محاولة الالتفاف لتجريد هذه العجائب الّتي هي من صنع الله سبحانه وتعالى، وعلينا أن نعلم أنّ العلم وقوانينه هبةٌ من الله سبحانه وتعالى، وهو الوحيد القادر على أن يوقف الأسباب، وهو الفعّال لما يريد، وكلّ خيرٍ لا يُنسب إلّا إليه سبحانه وتعالى، وقد بيّن سبحانه وتعالى أنّه قيّومٌ على القوانين الّتي تحكم وتضبط الكون وفي أيّ وقتٍ يشاء يخرقها تبارك وتعالى، والمكر هو الكيد الخفيّ، مأخوذٌ من التفاف أغصان الشّجر كالضّفيرة، فلا تعرف منبت ورقة الشّجر ومن أيّ غصنٍ خرجت، وقد تكيد لمساويك من البشر، لكن لن تقدر أبداً على أن تكيد لمن هو أعلى منك، وهو الله جلّ وعلا.
﴿ قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا﴾: هذه اسمها في اللّغة العربيّة المشاكلة اللّفظيّة، فهو أسرع استدراجاً لكم وعقوبةً منكم من المكر في آياته عز وجل.
﴿ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾: فكلّ تبييتٍ بخفاءٍ يُكتب، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)﴾ ]الانفطار[، هذا المكر والتّحايل وكلّ ما تقومون بها مكتوبٌ عند الله سبحانه وتعالى من قِبل رسله الكرام وهم الملائكة 4.