الآية رقم (50) - فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ

الضّمير في ﴿بَعْدَهُ﴾ يعود على القرآن الكريم، كتاب الله عز وجل، فإن لم يصدِّقوا بهذا القرآن الكريم فبأيّ كتابٍ بعد هذا القرآن العظيم يصدِّقون، كقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: من الآية 6]، وقال رسول الله ﷺ: «وَمَنْ قَرَأَ: وَالْمُرْسَلَاتِ، فَبَلَغَ: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [المرسلات]، فَلْيَقُلْ: آمَنَّا بِاللَّهِ»([1])، فلا حديث أصدق من القرآن الكريم، ولا أقوى في الدّلالة منه، فليس هناك حديثٌ بعده، فالإيمان بالقرآن الكريم والتّصديق به هو آخر فرصة، فلتؤمنوا قبل أن يأتي يوم النّبأ العظيم الّذي كنتم به تكذِّبون، أو تؤمنون به، ولكن لا تعملون له أعمالاً تنجيكم من الموقف العظيم، لذلك ناسب بعدها أن تأتي سورة النّبأ: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ [النّبأ].

([1]) سنن أبي داود: بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، الحديث رقم (887).

الآية رقم (49) - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

قد كنتم ترفضون السّجود والرّكوع والصّلاة وعبادة الله عز وجل؛ لأنّكم لم تؤمنوا، بل كذّبتم وكفرتم، فـ ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.

الآية رقم (39 - 40) - فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ () وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

قد كنتم في الدّنيا تكيدون للمؤمنين بي، وتمكرون بهم، وتتآمرون عليهم وتؤذونهم، فالآن أروني كيدكم ومكركم وتآمركم، فإن كان لكم حيلة فاحتالوا لإنجاء أنفسكم من عقابه، ولكنّهم لا يستطيعون، فلقد انقطع مكرهم وكيدهم وحولهم وحيلهم، ﴿بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ﴾ [الصّافّات].

الآية رقم (41) - إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ

انتقل الحقّ إلى المقابل، فالله تعالى منح الإنسان الاختيار بين المتقابلات: الإيمان والكفر، التّقوى والفجور، الهداية والضّلالة، النّعيم والجحيم، الجنّة والنّار، لذلك ذكر لنا الحقّ تعالى عقاب وحساب الّذين كفروا وكذّبوا، ثمّ يذكر لنا المتّقين الّذين آمنوا وصدّقوا، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ﴾، تلك ظلالٌ وارفة في حدائق غنَّاء، لا كتلك الظّلال الّتي من يحموم الّتي لا تغني من اللّهب.

فالمتّقون في جنّات، هي الظّلال، ويضاف إليها العيون والأنهار والنّعيم، فهم في ظلال وعيون تجري بالماء، والعيون ليست هي الآبار، إنّما هي فتحات كالعيون ينبع منها الماء، وهذا أبهج.

الآية رقم (42) - وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ

فليس الأمر أمر طعام وشراب فقط، إنّما الحقّ تعالى يمتنّ على المؤمنين بما يشتهون من الفواكه الّتي تسرُّ القلب وتُفرحُه، فواكه يتلذَّذون بها، يأكلون منها كلّما اشتهوا، لا يخافون ضرّها ولا عاقبة مكروهها، وهي فواكه من سائر أنواع الثّمار مهما طلبوا وجدوا.

وقد وصف الحقّ تعالى فاكهة الجنّة فقال: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة]، فنفى عنها عيوب فواكه الدّنيا؛ لأنّها تأتي في وقتٍ وتنقطع في وقت؛ ولأنّها ممنوعة إلّا بالثّمن، ولها آفات كثيرة، وليس في فواكه الجنّة آفة.

الآية رقم (43) - كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

وفي هذا القول فعلٌ وردُّ فعلٍ، الفعل هو العمل الصّالح في الأيّام السّالفة الماضية الّتي خلت، وردّ الفعل هو الطّعام والشّراب الهنيء في الآخرة، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾[الحاقّة]، فهذا تعليل لما هم فيه من نعيم أنّهم كثيراً ما تعبوا واضطهدوا وعُذِّبوا، وجزاء من عُذِّب في الدّنيا أنْ نُسعِده في الآخرة.

﴿هَنِيئًا﴾: فلتهنأ أنفسكم وتسعد بما تأكلونه وتشربونه دون أن يضرّكم أو يُلجئكم إلى المهضّمات من العقاقير، إنّه طعام وشراب هنيء تستلذّون به.

﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾: تعملون غير تفعلون وغير تصنعون، فالعمل يشمل الأفعال كلّها الّتي بالجوارح، اليد والقدم والعين وغيرها، ويشمل أيضاً عمل القلب، مِن الصّدق والإخلاص والتّسامح، لذلك قال تعالى: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، ولا يفكّر أحدٌ أن يكون نصيبه من العمل عمل قلبه فقط، بل ليأخذ معه إلى الدّار الآخرة أعمال جوارحه أيضاً، ليثيبه الله تعالى جزاء عمله ما يسرّه، ويقال له: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

الآية رقم (44) - إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ

فكلّ مَنْ أحسن العمل وهو مؤمن بالله تعالى وبكتابه الكريم وبرسوله ﷺ يجزيه الله عز وجل أجزل الثّواب، وهذا جزاء من أحسن: ظلالٌ، وعيون، وفواكه ممّا يشتهون، أكلٌ وشرابٌ هنيء.

وتعود الآيات بنا إلى ما ينتظر المكذِّبين فتقول:

الآية رقم (45 - 46 - 47) - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ () كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ () وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

يقول الحقّ تعالى لهؤلاء المكذِّبين: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا﴾في الدّنيا إلى منتهى آجالكم، لقد كفرتم بي، وكذَّبتم مَنْ أرسلتهم إليكم، وكذَّبتم بالبعث والجنّة والنّار، ولكن أنا من خلقتكم، وبربوبيّتي لن أمنع عنكم عطائي وإن كنتم كافرين، فقد تعهّدت برزقكم، فـ ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا﴾، ولكن أكلكم أكل أنعام وبهائم، يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ [محمّد: من الآية 12].

﴿إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾: فوصفهم الله عز وجل بالإجرام، وقد جعل الله تعالى لكلّ صاحب دعوة سماويّة عدوّاً من المجرمين، فالسّماء لا تتدخّل إلّا حين يصير الإجرام لا مقاوم له، وهكذا يجعل الله عز وجل لكلّ نبيٍّ ورسولٍ عدوّاً من المجرمين، وهذا العدوّ يُفتَن به النّاس، ويميل له ضعاف العقائد، ظنّاً منهم أنّ له الغلبة، ولا يعرفون أنّ هذه الغلبة الظّاهرة هي غلبة مؤقّتة؛ لأنّ لهم الويل حين البعث، ذلك الّذي كانوا به يكذِّبون، فسيلاقون جزاءهم.

الآية رقم (48) - وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ

لقد كانوا مجرمين خارجين عن منهج الإيمان والإسلام، وكانوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ: ﴿ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾، فكانوا يُعرِضون عن الرّكوع لله تعالى، والصّلاة لمن خلقهم وأسبغ عليهم نعمه، والصّلاة علامة الإيمان والخضوع لله عز وجل.

ولكن بعضهم كابن عبّاس رضي الله عنهما قال: إنّما يقال لهم هذا يوم القيامة، حين يدعون إلى السّجود فلا يستطيعون، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ [القلم].

الآية رقم (33) - كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ

جمالة: جمع جَمَل، فإنّها تبدو كأنّها جمال عظيمة صفراء متناثرة في الصّحراء، وبعضهم فسَّر ﴿صُفْرٌ﴾ هنا: بأنّها سوداء، ولكنّها صفراء كقطع النّحاس إذا توهَّج من الاحتراق، وبعضهم قال: إنّها لسواد النّار وظلمتها تبدو سوداء تميل إلى الاصفرار.

الآية رقم (34) - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

فأيّاً كان لون الشّرر وصفته، فإنّه شررٌ ولهبٌ ونارٌ محرقة، فلم تكذِّبون وتوردون أنفسكم موارد الهلاك؟ لم تعرّضون أنفسكم للإلقاء في هذا الوادي السّحيق في النّار؟

الآية رقم (35 - 36 - 37) - هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ () وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ () وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

إنّهم في يوم الهول الأكبر يعرفون أنّهم كذَّبوا في الدّنيا، وهم لا ينطقون بأيّ قول ينفعهم، ولا يأذن لهم الحقّ تعالى بأنْ يقدِّموا أعذاراً أو اعتذاراً، فهم لا ينطقون قولاً يغيثهم من العذاب الّذي ينتظرهم، ولا ينطقون قولاً ينفعهم في الموقف الّذي هم فيه، لقد انتهى الأمر، فلن يؤذن لهم ليبدوا أعذاراً أو اعتذاراً، فلن يجديهم هذا شيئاً، لقد قالوا كلّ شيء عند الحساب، أمّا وقد صدر الحكم عليهم أنّهم من أصحاب النّار، فلا نطق ولا كلام ولا اعتذار.

الآية رقم (38) - هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ

﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾: هذا الّيوم الّذي جعلناه موعداً للبعث والحشر والحساب، هذا هو اليوم الّذي جُعل لكم ميقاتاً تنالون فيه جزاء كفركم وتكذيبكم لرسلنا وكُتُبنا، هذا هو اليوم الّذي قيل فيه: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾ [المرسلات]، وهنا يقول تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾.

﴿جَمَعْنَاكُمْ﴾: الجمع: الحشر والحشد.

﴿وَالْأَوَّلِينَ﴾: جمعناكم مع مَنْ سبقوا في العصور الموغلة في القدم، لم يتخلّف منهم أحد، بل أتينا بكم جميعاً، وتحقّق الوعد الّذي كنتم تكذِّبون به وتفرّون منه وتعتقدون أنّه ليس بآتٍ.

الآية رقم (29) - انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ

مع تكذيبكم بالبعث والحساب والعقاب فها أنتم تواجهونه حقيقةً، فهو حقٌّ وواقعٌ مع تكذيبكم به، فتكذيبكم لن ينفي أنّه حقّ، وقد أنذرناكم وحذَّرناكم وأكَّدنا لكم، فما آمنتم وما صدقتم، والآن عليكم أن تواجهوا ما كنتم تكذِّبونه وتظنّون أنّه لن يحدث، الآن يخرجون من قبورهم سِراعاً، يقول تعالى: ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا﴾ [ق: من الآية 44]، لذلك يقول عز وجل لهم: ﴿انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾، والانطلاق فيه إسراعٌ بقوّة، مثل انطلاق الفرس من مربطه، فيذهب على وجهه.

الآية رقم (30) - انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ

انطلقوا إلى ظلٍّ من يحموم، ظلّ نارٍ موقدة، فدخان جهنّم إذا سطع وارتفع تشعّب وتفرّق ثلاث فرق، فيقال لهم: كونوا فيه إلى أن يُفرَغ من الحساب، كما يكون أولياء الله تعالى في ظلّ عرشه؛ لأنّه ظِلٌّ:

الآية رقم (31) - لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ

فلا هو ظلٌّ حقيقيٌّ يقيهم حرّ النّار، ولا هو يغنيهم عن اللّهب.

وقد تكلّمنا عن أهل الجنّة، وأنّ الله تعالى يدخلهم: ﴿ظِلًّا ظَلِيلًا﴾ [النّساء: من الآية 57]، وأنّه ليس مجرّد ظِلّ، بل هو ظِلٌّ ظليل، فهو نفسه يظلّل بعضه، أمّا الظّلّ في النّار فهو ليس ظليلاً، لذلك فهو لا يُغْني مِن اللَّهَب، فيصل حرّ النّار ووهجها إلى الوجوه فتشويها.

الآية رقم (32) - إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ

لنا أن نتخيّل هذا المشهد، يقف المكذّب يرى النّار وهي تتّقد وتشتعل وتتوهّج يأكل بعضُها بعضاً، وهو واقف في ظِلٍّ يظنّه ظِلّاً، وأنّه سيُغنيه من اللّهب، ولكنّ النّار ترمي بشرر، بحُمَمٍ ومقذوفات تخرج من النّار تصيب أولئك الواقفين المنتظرين للإلقاء فيها، وهو ليس أيّ شررٍ، بل هو شررٌ ﴿كَالْقَصْرِ﴾، شررٌ عظيم كالقصر بضخامته، وكبر حجمه، والقَصْر المقصود هو أصول الشّجر يكون في الصّحراء، فإذا جاء الشّتاء قطعت أغصانها فتبقى أصولها، فتراها كأمثال الجمال إذا أُنيخَت في الصّحراء، والآية تحتمل أيضاً أن يكون القَصْر هو القصر المعروف الكبير الضّخم.

الآية رقم (22) - إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ

هو مدّة حمل المرأة لجنينها في رحمها، وهي مدّة معلومة لنا، حينها تلد المرأة في الوقت الّذي يشاؤه الله تعالى، والقدر وقت الشّيء المقدَّر له، والمكان المقدَّر له.

الآية رقم (23) - فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ

فقدرنا على خلقه وتصويره في أحسن تقويم، وأحسن هيئة، ونصبنا ظهره، فلا يسير على أربعٍ كالدّوابّ، فجاءت هنا: ﴿فَقَدَرْنَا﴾ من القدرة، لذلك ناسب أن يأتي بعدها: ﴿فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾، ولكنّ بعضهم قرأ هذه الكلمة بتشديد الدّال: (فَقَدَّرْنَا)، من التّقدير، مثل قوله تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [يس: من الآية 39]، واستحسن بعض العلماء قراءة: ﴿فَقَدَرْنَا﴾  من القدرة؛ لأنّ الله تعالى قال بعدها: ﴿فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾، ولم يقل: المقدِّرون، ولكن كلاهما محتمل، فإنّ من يُقَدرِّ الشّيء ويخلقه على هيئة حسنة، فهو قادرٌ بقدرته، وقادرٌ بتقديره وعلمه.

الآية رقم (24) - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

فإذا كنّا خلقناكم، ونخلقكم، وسنخلقكم من ماءٍ مهين، حقير، ضعيف، ونجعله حال خرج منكم في محلّه المخلوق له، نجعله في قرارٍ مكين مستقرّ حصين إلى زمنٍ معلوم لله عز وجل، فلم تكذِّبون؟!

ثمّ يذكّرهم الله تعالى بالأرض الّتي يعيشون عليها: