الآية رقم (1) - الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ

الْحَمْدُ لِلَّهِ: الثناء بالجميل على الفعل الاختياري الحسن، تعليماً لأصول الإيمان والثناء.والمدح أعم من الحمد لأنه يحصل للعاقل ولغير العاقل، والحمد أعم من الشكر لأن الأول تعظيم الفاعل لأجل الإنعام عليك أو على غيرك، وأما الشكر فهو لأجل الإنعام الواصل إليك.

والفرق بين الخالق وبين الفاطر والرب: أنَّ الخلق هو التقدير والعلم النافذ في جميع الكليات والجزئيات.

والفاطر: الموجد المبدع، وفيه إشارة إلى صفة القدرة.

والرب: مشتمل على الأمرين .

خَلَقَ الخلق: التقدير، أي جعل الشيء بمقدار معين بحسب علمه تعالى.

وَجَعَلَ: أنشأ، والفرق بين الخلق والجعل أنَّ الخلق مختص بالإنشاء التكويني، وفيه معنى التقدير والتسوية، والجعل عام يشمل الإنشاء مثل قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ويشمل التشريع والتقنين، كما في قوله تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ)[المائدة 5/ 97] أي شرع، ويختص الجعل بأن فيه معنى التضمين كإنشاء شيء من شيء أو تصيير شيء شيئا أو نقله من مكان إلى مكان. وخص السموات والأرض بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات للناظرين.

الظُّلُماتِ وَالنُّورَ: أي أنشأ كل ظلمة ونور، وجمع الظلمات وأفرد النور لكثرة أسبابها، والنور واحد وإن تعددت مصادره. وقدمت الظلمات على النور، لأنها أسبق في الوجود، فقد وجدت مادة الكون المظلمة أولا.

أمَّا السبب في جمع السموات وإفراد الأرض مع أن الأرضين كثيرة وهي سبع كالسماوات لقوله تعالى: (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) [الطلاق 65/ 12] فهو أنَّ السماء فاعل مؤثر، والأرض قابل متأثر، والمؤثر متعدد يحصل بسببه الفصول الأربعة وسائر الأحوال المختلفة، فلو كانت السماء واحدة لتشابه الأثر، واختلت مصالح العالم، أما الأرض فهي قابلة للأثر، والقابل الواحد كاف في القبول  وهذا الخلق والإبداع، والإنشاء من دلائل وحدانية الله.

ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا: مع قيام هذا الدليل.

يَعْدِلُونَ: يعدلون به غيره أي يجعلون له عدلا مساويا له في العبادة والدعاء.