الآية رقم (54) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ﴾: أي يتراجع عن الإسلام، وجواب الشّرط: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ هذا احتياطٌ مناعيٌّ بأنّ الله سبحانه وتعالى أخبر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين بأنّ هناك من سيتراجع عن الإسلام، وفعلاً حدث ذلك في أيّام الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، كالأسود العنسيّ في اليمن الّذي تراجع عن الإسلام في ذلك الوقت وقُتل، ومسيلمة الكذّاب في عهد الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ارتدّ وادّعى النّبوّة، وقُتل في أيّام أبي بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه، وكذلك طليحة وسجاح في ذلك الوقت، إذاً الله سبحانه وتعالى أعطى احتياطاً مناعيّاً فقال مسبقاً في القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ﴾، وهؤلاء المرتدّون لن ينقصوا المؤمنين؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى سوف يأتي بقومٍ يحبّهم ويحبّونه، طالما أنّ الله سبحانه وتعالى يحبّهم فمن الطّبيعيّ أنّهم يحبّونه، فهو جلّ وعلا يحبّ التّوّابين, ويحبّ المتطهّرين, إذاً الفعل من قِبَلك والمحبّة من الله تبارك وتعالى على عملك، وحسب العقل البشريّ كان بالإمكان أن تكون الجملة: (يحبّهم الله)، لكنّه قال: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ وهذا دليلٌ على إعجاز القرآن الكريم، فبالعلم الكاشف يعلم سبحانه وتعالى بأنّ هؤلاء سيكونون على تقوى وعلى صلاحٍ، وبأنّهم سيحبّون الله عزَّ وجل فيحبّهم الله جلَّ جلاله.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: يا أداة نداء أي: منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم واسم الموصول بدل وجملة آمنوا صلة موصول لا محل لها

مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ: من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ يرتد مضارع مجزوم بالسكون وحرك بالفتحة للتضعيف ومنكم متعلقان بحال بمحذوفة من الفاعل

عَنْ دِينِهِ: متعلقان بيرتد، وجملة فعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من، والجملة الاسمية من يرتد ابتدائية لا محل لها

فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ: الفاء رابطة ويأتي فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والله فاعله والجملة في محل جزم جواب الشرط

يُحِبُّهُمْ: فعل مضارع والهاء مفعوله والجملة في محل جر صفة قوم وجملة يحبونه معطوفة

أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: أذلة صفة ثانية تعلق بها الجار والمجرور ومثل ذلك «أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ»

يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله والله لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة صفة رابعة

لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ: الجملة معطوفة على يجاهدون

ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ: اسم الإشارة مبتدأ وفضل خبره والله لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مستأنفة

يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ: الهاء مفعول يؤتي الأول واسم الموصول مفعوله الثاني والجملة مستأنفة أو حالية

(يَشاءُ): صلة موصول لا محل لها

وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ: الله لفظ الجلالة مبتدأ وواسع خبره الأول وعليم خبره الثاني والجملة مستأنفة.

مَنْ يَرْتَدَّ: يرجع عن الإسلام، والردة: الرجوع عن الإسلام إلى الكفر أو إلى غير دين، أو ترك ركن من أركان الإسلام كالزكاة جهاراً وعنادًا.

يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ: يثيبهم، ويخلصون له العمل ويطيعونه في كل أمر ونهي.

أَذِلَّةٍ: جمع ذليل أي عاطفين على المؤمنين على وجه التذلل والتواضع، من الذل وهو الحنو والعطف.

أَعِزَّةٍ: أشداء متعالين عليهم.

لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ: أي أنهم صلاب في دينهم إذا شرعوا في أمر من أمور الدين كإنكار منكر، أو أمر بمعروف أو مجاهدة في سبيل الله، لا يأبهون لقول قائل ولا اعتراض معترض ولا لوم لائم يلومهم وينتقدهم، خلافاً للمنافقين الذين يخافون لوم الكفار.

ذلِكَ: المذكور من الأوصاف فضل الله.

وَاللَّهُ واسِعٌ: كثير الفضل.

عَلِيمٌ: بمن هو أهله.