الآية رقم (10) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

الآن انتقلت الآيات لتتحدّث عن المؤمنات المهاجرات، وقد كان من شروط صلح الحديبية أنّه من يأتي من قريش إلى محمّد ﷺ مؤمناً يردّه إلى قريش، ومن يرتدّ ويذهب إلى قريش لا يردّونه إلى سيّدنا رسول الله ﷺ، وقد قَبِل رسول الله ﷺ هذا الشّرط؛ لأنّ فيه اعترافاً بالنّبيّ ﷺ ودعوته، وإقراراً أنّ الإسلام أصبح قوّة قادرة على إبرام المعاهدات تعطي وتأخذ.

والممتحنة هي المرأة المهاجرة تأتي رسول الله ﷺ مسلمة مؤمنة فلا تُرَدّ إلى الكفّار إنّما تُمتحن؛ أي: تُختبر.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾: أي: اختبروهنّ لتعلموا حقيقة إيمانهنّ، أن تشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله، وأن تُقسم أنّها ما خرجت إلّا لحبّها في الإسلام، وما خرجت عن زوج تبغضه هناك، ولا لزوج تريده هنا، فإذا علمتم منها ذلك فلا ترجعوها إلى الكفّار، وبهذا الحكم الّذي نزل سمّيت السّورة بسورة الممتحنة.

﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾: إنّ هذا الامتحان في الأمور الظّاهرة قولاً أو فعلاً، أمّا البواطن فالله تبارك وتعالى أعلم بها، فطالما أعلنت المرأة أنّها مؤمنة فهي كذلك، فلا يجوز أن تُرَدّ إلى زوجٍ كافر؛ لأنّ المؤمنة لا تحلّ للكافر، ولا الكافر يحلّ لها.

﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾: أي: للمؤمنات.

ومع هذا الفصل بين الإيمان والكفر لا يُغفِل الشّارع الحكيم الحقوق الماليّة المتعلّقة بالزّوجين، فالإسلام وعدالة الإسلام تحفظ الحقوق حتّى للكافر، فقد أخذنا منه زوجته؛ لأنّها مسلمة لا تحلّ له، فلا بدّ أن نردّ إليه ما أنفقه في المهر ونفقات الزّواج، لذلك قال سبحانه وتعالى:

﴿وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا﴾: وهذا من عدالة الإسلام، فهؤلاء الأزواج أنفقوا وبذلوا مالاً وضياعاً وغيره إلى زوجاتهم اللّاتي أسلمن ولحقن بالمؤمنين، فلتردّوا عليهم ما أنفقوا، فلا يضارّوا بإسلام زوجاتهم، وهذا لا شكّ يؤثّر فيهم ويلفتهم إلى عدالة هذا الدّين.

﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾: ثمّ إنّ هؤلاء الزّوجات اللّاتي أسلمن لن يصبحن مشاعاً للمسلمين، بل يجعل أمرهنّ للزّواج بمن يردن على أن يعطوهنّ حقوقهنّ الّتي كفلها الشّرع لهنّ.

﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾: المراد بالكوافر: المشركات، وهنّ موضوع هذه التّشريعات؛ لأنّها في حالة واقعة، فلا تشمل الآية النّهي عن بقاء المرأة المسلمة في عصمة زوج مشرك، وإنّما يؤخذ حكم ذلك بالقياس، والمعنى المراد هنا بقوله: ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾؛ أي: إن كان على ذمّتك زوجة مشركة فطلّقها مباشرة، فهي لا تحلّ لك.

﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾: وما دام حكم الله سبحانه وتعالى فلا يُرَدّ، فهو حكمٌ عادل.

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» سبق إعرابه

«إِذا» ظرفية شرطية غير جازمة

«جاءَكُمُ» ماض ومفعوله

و «الْمُؤْمِناتُ» فاعل والجملة في محل جر بالإضافة

«مُهاجِراتٍ» حال،

«فَامْتَحِنُوهُنَّ» الفاء رابطة وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله والجملة جواب الشرط لا محل لها

«اللَّهُ أَعْلَمُ» مبتدأ وخبره

«بِإِيمانِهِنَّ» متعلقان بأعلم والجملة الاسمية اعتراضية لا محل لها،

«فَإِنْ» الفاء حرف عطف

«إن» شرطية

«عَلِمْتُمُوهُنَّ» ماض وفاعله ومفعول به أول

«مُؤْمِناتٍ» مفعول به ثان والجملة ابتدائية لا محل لها.

«فَلا تَرْجِعُوهُنَّ» الفاء رابطة ومضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله والهاء مفعوله

«إِلَى الْكُفَّارِ» متعلقان بالفعل والجملة في محل جزم جواب الشرط.

«لا» نافية

«هُنَّ حِلٌّ» مبتدأ وخبره و «لَهُمْ» متعلقان بحل والجملة الاسمية تعليل لا محل لها

«وَ» الواو حرف عطف

«لا» نافية

«هُمْ» مبتدأ

«يَحِلُّونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله و «لَهُنَّ» متعلقان بالفعل والجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.

«وَ» الواو حرف عطف

«آتُوهُمْ» أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله الأول

«ما» مفعوله الثاني والجملة معطوفة على ما قبلها

«أَنْفَقُوا» ماض وفاعله والجملة صلة.

«وَلا» الواو حرف استئناف

«لا» نافية للجنس

«جُناحَ» اسمها المبني على الفتح

«عَلَيْكُمْ» متعلقان بالخبر المحذوف

«أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ» مضارع منصوب بأن والواو فاعله والهاء مفعوله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بالخبر المحذوف

«إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ» إذا ظرف زمان وماض وفاعله ومفعوله الأول

«أُجُورَهُنَّ» مفعوله الثاني والجملة في محل جر بالإضافة.

«وَلا تُمْسِكُوا» الواو حرف عطف ومضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله

«بِعِصَمِ» متعلقان بالفعل

«الْكَوافِرِ» مضاف إليه والجملة معطوفة على ما قبلها.

«وَسْئَلُوا» الواو حرف عطف وأمر وفاعله والجملة معطوفة على ما قبلها

«ما» مفعول به

«أَنْفَقْتُمْ» ماض وفاعله والجملة صلة

«وَلْيَسْئَلُوا» حرف عطف ومضارع مجزوم بلام الأمر والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها

«ما» مفعول به

«أَنْفَقُوا» ماض وفاعله والجملة صلة و «ذلِكُمْ حُكْمُ» مبتدأ وخبره

«اللَّهُ» لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة استئنافية لا محل لها.

«يَحْكُمُ» مضارع فاعله مستتر

«بَيْنَكُمْ» ظرف مكان والجملة استئنافية لا محل لها.

«وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» مبتدأ وخبران والجملة استئنافية لا محل لها.

{فَامْتَحِنُوهُنَّ} … فَاخْتَبِرُوهُنَّ؛ لِتَعْلَمُوا صِدْقَ إِيمَانِهِنَّ.

{وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا} … وَأَعْطُوا أَزْوَاجَ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ مِنَ المُهُورِ.

{جُنَاحَ} … إِثْمَ.

{أُجُورَهُنَّ} … مُهُورَهُنَّ.

{بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} … بِعُقُودِ نِكَاحِ زَوْجَاتِكُمُ الكَافِرَاتِ.

{وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ} … وَاطْلُبُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مُهُورَ نِسَائِكُمُ المُرْتَدَّاتِ اللَّوَاتِي لَحِقْنَ بِهِمْ