الآية رقم (12) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

بعد أن تحدّثت الآيات عن المناجاة المذمومة المنهي عنها، وتحدّثت عن المناجاة الجائزة، تتحدّث الآن عن لون آخر من المناجاة وهي المناجاة الخاصّة برسول الله ﷺ، ورسولنا الكريم ﷺ له خصوصيّاته:

أوّلها: ما جاء في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النّور: من الآية 63]، يعني: لا تنادوا رسول الله ﷺ كما ينادي بعضكم بعضاً، فلا تقولوا: يا محمّد.

الثّانية: أنّنا إذا أردنا أن نناجي رسول الله ﷺ فلا بدّ أن نقدّم قبل المناجاة صدقة، لماذا؟ قالوا: كان هناك أناس يجلسون إلى رسول الله ﷺ ويتناجون معه دون بقيّة الجالسين ليزدادوا بذلك شرفاً، وليقال عنهم: إنّهم موضع سرّ رسول الله ﷺ، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يحدّ من هذه الظّاهرة، كيف؟ بفرض هذه الصّدقة، فلا بدّ من أن تقدّم الصّدقة وتحسن للفقراء عندما تريد أن تناجي النّبيّ ﷺ، فما هذا الدّين العظيم الّذي يجعل مناجاة النّبيّ ﷺ ترتبط بتقديم الصّدقات للفقراء؟!

﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾: أي: قبل المناجاة لا عندها، كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾[المائدة: من الآية 6]، ونحن لا نتوضّأ عندما نقوم للصّلاة، إنّما نتوضّأ قبلها.

وهؤلاء الّذين ضنّوا بالصّدقة على الفقراء ضنّوا بها؛ لأنّ المال عندهم أهمّ من أن يزدادوا شرفاً بمناجاة رسول الله ﷺ، والله سبحانه وتعالى فضح ما في نفوسهم بقوله: ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾؛ ذلك لأنّ وقت سيّدنا رسول الله ﷺ كان للنّاس جميعاً، ويجلس ﷺ للجميع ولا يمكن أن يحتكره أحد للمناجاة؛ لأنّ وقته يضيق عن مثل هذا، فلا بدّ من أن يجتمع مع النّاس كلّهم.

﴿ذَلِكَ﴾: أي: تقديم الصّدقة قبل المناجاة.

﴿خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ﴾: أي: أطهر لقلوبكم.

﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾: دلّ على أنّ المسألة فرض.

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا» سبق إعرابها

«ناجَيْتُمُ» ماض وفاعله

«الرَّسُولَ» مفعوله والجملة في محل جر بالإضافة

«فَقَدِّمُوا» الفاء رابطة وأمر وفاعله والجملة جواب الشرط لا محل لها

«بَيْنَ» ظرف مكان مضاف

«يَدَيْ» مضاف إليه

«نَجْواكُمْ» مضاف إليه

«صَدَقَةً» مفعول به

«ذلِكَ خَيْرٌ» مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها

«لَكُمْ» متعلقان بخير

«وَأَطْهَرُ» معطوف على خير

«فَإِنْ» الفاء حرف استئناف وإن شرطية

«لَمْ تَجِدُوا» مضارع مجزوم بلم والواو فاعله والجملة استئنافية لا محل لها،

«فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» إن واسمها وخبراها والجملة الاسمية تعليل.