﴿وَنَجَّيْنَاهُ﴾: يعني: كان هناك شرٌّ يصيبه، وأذىً يلحق به، فنجّاه الله سبحانه وتعالى منه، وهذه النّجاة مستمرّة، فبعد أنْ أنجاه الله سبحانه وتعالى من النّار أنجاه أيضاً مِمَّا تعرَّض له من أَذَاهم.
﴿وَلُوطًا﴾: لوط عليه السّلام ابن أخ إبراهيم، كان موجوداً في قرية قريبة.
﴿إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾: أي: قلنا لإبراهيم: اترك هذه الأرض -وهي أرض بابل من العراق- واذهب إلى الأرض المقدّسة بالشّام، وخُذْ معك ابن أخيك، فبعد أنْ نجّاهما الله سبحانه وتعالى لم يتركهما في هذا المكان، بل اختار لهما هذا المكان المقدّس، والأرض حينما تُوصَف يُراد بها أرض مُحدَّدة مخصوصة، فإذا لم تُوصَف تُطلق على الأرض عامّة إلّا أن يعيّنها سياق الحال، فمثلاً لـمّا قال أخو يوسف: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾[يوسف: من الآية 80]، فالسّياق يُوضِّح لنا أنّها أرض مصر، لكنّ قوله: ﴿وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ﴾ [الإسراء: من الآية 104] لم تُعيَّن، فدلَّ ذلك على أنّها الأرض عامّة، اسكنوا الأرض كُلَّها، يعني: تبعثروا فيها، ليس لكم فيها وطن مستقلّ، وهذا ردٌّ على اليهود، كما قال في آية أخرى: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا﴾ [الأعراف: من الآية 168]، فإذا أراد الله سبحانه وتعالى تجمّعوا من الشّتات: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾[الإسراء: من الآية 104]؛ أي: المرّة الّتي سينتصرون فيها، ﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾[الإسراء: من الآية 104]، وهكذا يتجمَّعون في مكانٍ واحد، فيسْهُلُ القضاء عليهم.
﴿بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾: البركة قد تكون مادّيّة، وهي الزّروع والثّمار والأنهار والخيرات، أو بركة معنويّة، وهي بركة القِيَم في الأرض المقدّسة، وهي أرض الأنبياء، ومعالم النّبوّة والرّسالات.