﴿النَّفَّاثَاتِ﴾: كلمة تُشعر بالتّأنيث، لذلك فسّروها بأنّها السّاحرات، أو النّفس السّاحرة، أكانت لرجلٍ أم امرأةٍ، هنا وقف بعض النّاس موقفاً من مسألتين: المسألة الأولى: السّحر، في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾، والثّانية: الحسد، في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾، فأنكروهما؛ لأنّهما لا تخضعان لقضيّةٍ علميّةٍ عقليّةٍ عندهم، وكأنّهم أرادوا أن يبرّروا قضايا الدّين كلّها بصورٍ محسوسةٍ، تدخل تحت نطاق التّجربة، مع أنّ مسائل العقيدة لا تدخل ضمن نطاق التّجريب، وليست المسائل كلّها يمكن أن تُخضع للتّجارب، نقول: ما دمت قد تديّنت وآمنت بإلهٍ له من الصّفات كذا وكذا، فلا تجعل عقلك حجّةً على ما خلق هذا الإله، فمن هذه المخلوقات ما لا تعرفه أنت، ولا يقع تحت حواسّك، والعقل يُطمئنك على سلامة هذه القضيّة؛ لأنّ كثيراً من الأشياء كانت موجودةً، لكنّها لم تكن تدخل تحت نطاق العقل والتّجربة، ثمّ لـمّا أذن الله سبحانه وتعالى لها بالظّهور عرفها العقل وخضعت للتّجربة، كما رأينا في ظاهرة الكهرباء، والميكروبات وغيرهما من الأمور الّتي لم يكن أحدٌ يصدّق وجودها، فلماذا لا يكون الغيب في الماضي الّذي صار مشهديّاً الآن وسيلةً للمؤمن في أن يكون حُجّةً في الحُكم على الأشياء وعدم وجودها، فنقول للّذين ينكرون السّحر: إنكاركم هذا يُصادم النّصّ القرآنيّ والأحاديث الصّحيحة، ولا اجتهاد مع النّصّ، فالعقل هنا لتقريب الأشياء، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة].
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ: معطوف على ما قبله
فِي الْعُقَدِ: متعلقان بما قبلهما.
﴿النَّفَّاثَاتِ﴾: كلمة تُشعر بالتّأنيث، لذلك فسّروها بأنّها السّاحرات، أو النّفس السّاحرة، أكانت لرجلٍ أم امرأةٍ
﴿فِي الْعُقَدِ﴾: التي تعقدها في الخيط
والنفث: النفخ مع ريق يخرج من الفم، والْعُقَدِ جمع عقدة: وهي ما يعقد من حبل أو خيط ونحوهما.