الآية رقم (100) - وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

المـُــرَاغَمُ: مذهبٌ ومهربٌ وملجأٌ، أي موضعٌ يُذهب إليه للإقامة؛ مكانٌ لهجرته يكون فيه متَّسع ممّا يكون فيه من ضيق.

﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ﴾: أمر الله سبحانه وتعالى بالهجرة، وهي معلَمٌ أساسيٌّ من معالم الإسلام، فالتّأريخ الإسلاميّ يبدأ مع الهجرة، لكن هل الهجرة بعد الفتح هي الهجرة ذاتها قبل الفتح؟ هل معنى الهجرة عندما أُمر النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُهاجِر من مكّة إلى المدينة المنوّرة، وخرج في ذلك اليوم متخفيّاً في جُنح الظّلام مع الصّدّيق رضي الله عنه، وبات الإمام عليّ كرّم الله وجهه في فراشه ليفتديه، وذهب إلى غار ثور حيث نسج العنكبوت وباض الحمام؟ هل هذه الهجرة الّتي يتحدّث القرآن الكريم عنها؟ هل هي باقيةٌ بعد أن هاجر النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ لا، حدّد النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهادٌ ونيّةٌ»([1])، معنى جهاد أي بذل الجهد في سبيل الحضارة، وفي سبيل التّقدّم، وفي سبيل نشر رواق الرّحمة والعلم بين شعوب الأرض، لاحظوا البُعد الحضاريّ الّذي يجب علينا أن نتمسّك به دائماً، ولنعلّم النّاس الإسلام كما أنزله الله سبحانه وتعالى بعيداً عن إسقاطات وانحرافات البشر، وعن اعتقادات أعداء سيّد البشر صلَّى الله عليه وسلَّم، والأمراض الّتي يتوهّمها الآخرون، يقول النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ»([2]). تعريف المسلم: هو الّذي يشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله، ويقيم الصّلاة، ويؤتي الزّكاة، ويصوم رمضان، ويحجّ البيت إن استطاع إليه سبيلاً. أمّا تعريف المؤمن: فهو الّذي يؤمن بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشرّه.

وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: من شرطية مبتدأ وفعل الشرط مجزوم تعلق به الجار والمجرور بعده فاعله مستتر

يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً: يجد مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط تعلق به الجار والمجرور فاعله مستتر ومراغما مفعوله

كَثِيراً: صفة

وَسَعَةً: عطف وفعل الشرط وجوابه خبر من

وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ: مهاجرا حال تعلق به الجار والمجرور بعده ورسوله عطف

ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ: عطف على ومن يهاجر

فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ: فعل ماض وفاعل والجملة في محل جزم جواب الشرط لأنها اقترنت بالفاء الرابطة قد حرف تحقيق

وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً: تقدم إعرابها.

مُراغَماً مهاجراً أي مكانا للهجرة ومأوى يجد فيه الخير، فيرغم بذلك أنوف من أذلوه

وَقَعَ: ثبت ووجب