الآية رقم (38) - وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ

كلّ الدّوابّ هداها الله سبحانه وتعالى لرزقها بالغريزة، وإيمانها بالفطرة، قال سبحانه وتعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء]، وهدى الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل، والعقل هو مناط التّكليف.

فما من دابّةٍ في الأرض، ولا طائرٍ يطير بجناحيه إلّا أممٌ مسبّحةٌ لله جلّ وعلا وعابدةٌ له، لكن لا نفقه هذا التّسبيح.

﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾: القرآن الكريم مكتنزٌ على كلّ ما يتعلّق بأحوال النّاس والدّنيا، ولا نقول: بأنّه كتاب كيمياء ولا فيزياء ولا طبٍّ ولا إعجازٍ علميٍّ، وإنّما هو كتاب هدايةٍ للعالمين.

بعض العلماء قالوا: المراد بالكتاب هنا: اللّوح المحفوظ، ومنهم من قال: بأنّه القرآن الكريم.

﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾: ثمّ للتّراخي. بيّن سبحانه وتعالى طريق الهداية، وبيّن طريق السّعير، وما يفيد الإنسان، وبيّن الحلال والحرام، والأوامر والنّواهي، وبعد ذلك جاءت النّتيجة: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾.

وَما مِنْ دَابَّةٍ: كلام مستأنف، ما نافية لا عمل لها، من حرف جر زائد دابة اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ

فِي الْأَرْضِ: متعلقان بمحذوف صفة دابة

وَلا: الواو عاطفة، لا نافية

طائِرٍ: معطوف على دابة

يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ: جناحيه اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الياء لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، والجار والمجرور متعلقان بيطير والهاء في محل جر بالإضافة.

إِلَّا أُمَمٌ: إلا أداة حصر أمم خبر دابة مرفوع

أَمْثالُكُمْ: صفة

ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ: فعل ماض، تعلق به الجار والمجرور، ونا فاعله، وما نافية لا عمل لها، والجملة لا محل لها اعتراضية اعترضت بين الجملتين المتعاطفتين

مِنْ شَيْءٍ: من حرف زائد، شيء اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه نائب مفعول مطلق،

ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ: فعل مضارع مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور قبله، والواو نائب فاعل، والجملة معطوفة على جملة وما من دابة.

دَابَّةٍ: الدابة كل ما يدب على الأرض من إنسان أو حيوان. والدبّ: المشي الخفيف

طائِرٍ: الطائر كل ذي جناح يطير في الهواء، وجمعه طير.

أُمَمٌ: جمع أمة، وهي كل جماعة يجمعهم أمر كدين أو لغة أو صفة أو عمل أو زمان أو مكان.

أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ: أنها كالإنسان في تدبير خلقها ورزقها وأحوالها

ما فَرَّطْنا: ما تركنا، التفريط في الأمر: التقصير فيه وتضييعه حتى يفوت

فِي الْكِتابِ: هنا اللوح المحفوظ

يُحْشَرُونَ: الحشر الجمع والسّوق، وبعد الحشر يقضي الله بينهم، ويقتص للجماء من القرناء، ثم يقول لأنواع الحيوان: كونوا ترابًا.