الآية رقم (17-18) - وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ - ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ

الحديث هنا عن يوم الدين، يوم القيامة، يوم يصير الأبرار إلى النّعيم، ويصير الفجّار إلى الجحيم، فأراد سبحانه وتعالى أن يُعظِّم شأن هذا اليوم، وأنّه الغيب الّذي لا يطّلع عليه أحدٌ، فيقول: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾، كأنّ الإدراك له مراحل، وكأنّ هناك إدراكين، إدراكاً إخباريّاً وإدراكاً واقعيّاً، فالإخباريّ وقع بقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ فهذا أمرٌ سوف نشهده واقعيّاً؛ لأنّ الصّور الكلاميّة لا يمكن أن تُعبّر لك عن الواقع؛ لأنّها تأتي وفق أداء وإمكانات اللّغة التّعبيريّة، وسبق أن أوضحتُ أنّ اللّغة ألفاظٌ لمعاني، والمعنى دائماً متقدّمٌ على اللّفظِ، فالتّلفاز تراه أوّلاً، ثمّ تأتي تسميته على اللّفظ المعبّر عنه، فإذا كانت هذه الأمور غيباً لا نعرفه ولا يوجد لدينا معانٍ لها فكيف تكون لها ألفاظٌ؟ إذاً هي أمرٌ لم تدخل اللّغة بعد فيه، وسوف تظلّ هكذا غيباً إلى أن نرى القيامة ونشاهد بأمّ أعيننا فينكشف لنا ستار وحجاب الغيب، فنرى الحقيقة. ثمّ يعطينا لمحةً عن هذا اليوم فيقول:

وَما: الواو حرف استئناف

ما: اسم استفهام مبتدأ

أَدْراكَ: ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة الفعلية خبر ما والجملة الاسمية مستأنفة

ما يَوْمُ: مبتدأ وخبره

الدِّينِ: مضاف إليه والجملة سدت مسد مفعول أدراك الثاني.

وَما أَدْراكَ: ما أعلمك وعرّفك، وكرر الجملة لتفخيم شأن اليوم وتعظيم هوله، بحيث لا يدركه إنسان