﴿وَلُوطًا﴾: جاءتْ منصوبة؛ لأنّها معطوفة على قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ﴾[الأنبياء: من الآية 51]، وأيضاً: آتينا لوطاً رشده.
﴿حُكْمًا﴾: الحُكْم: يعني الحكمة، وأصله من الحَكَمة الّتي تُوضَع في حنك الفَرَس؛ لأنّ الفَرس قد يشرد بصاحبه أو يتّجه إلى جهة غير مرادة لراكبه؛ لذلك يوضع في حنكه اللّجام أو الحَكَمة، وهي قطعة من الحديد لها طرفان، يتمّ توجيه الفرس منهما يميناً أو شمالاً، ومن ذلك الحِكْمة، وهي وَضْع الشّيء في موضعه، ومنه الحُكْمْ، وهو: وضع الحقَّ في مَوْضعه من الشّاكي أو المشكو.
﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾: وفرْقٌ بين العلْم والحكم: العلم أن تُحقِّق وتعرف، أمَّا الحكم فسلوك وتطبيق لما تعلم، فالعلم تحقيق والحكم تطبيق.
﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾: فقد نجَّى الله سبحانه وتعالى إبراهيم من النّار، وكذلك نجَّى لوطاً من أهل القرية الّتي كانت تعمل الخبائث، والخبائث في قوم لوط معروفة؛ لذلك يقول بعدها:
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ﴾: ورجل السَّوءْ هو الّذي يسوء كلّ مَنْ يخالطه، ولا يسوء بعضاً دون بعض، فالمثليّة والشّذوذ هو سوءٌ كلّه.
﴿فَاسِقِينَ﴾: والفسْق: الخروج عن أوامر التّكليف، وهذا التّعبير ككُلِّ التّعابير القرآنيّة مأخوذ من واقعيّات الحياة عند العرب، فأصل الفِسْق من فَسقَتِ الرُّطبة عن قشرتها حين تستوي البلحة فتنفصل عنها القشرة حتّى تظهر منها الرُّطبة، وهذه القشرة جُعلَتْ لتؤدّي مهمّة، وهي حِفْظ الثّمرة، كذلك نقول في الفسق عن المنهج الدّينيّ الّذي جاء ليؤدّي مهمّة في حياتنا، فمَنْ خرج عنه فهو فاسق.