﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾: لقد أعطى الله عزَّ وجلَّ داوود وسليمان عليهما السّلام نِعَماً كثيرة غير العلم، فقد ألَان لداوود الحديد، وأعطى سليمان مُلْكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، وسخَّر له الرّيح والجنّ، وعلَّمه منطق الطّير.. إلخ، ومع ذلك لم يمتنّ عليهما إلّا بالعلم، وهو منهج الدّين؟ قال العلماء: لأنّ العلم هو النّعمة الحقيقيّة الّتي يجب أن يفرح بها المؤمن، لا الملْك ولا المال، ولا الدّنيا كلّها، فلم يعتدّ بشيء من هذا كلّه؛ لذلك حمدا الله عزَّ وجلَّ على أن آتاهما العلم.
﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾: فالحمد هنا على نعمة العلم وحِفْظ منهج الله عزَّ وجلَّ، وفي الآية مظهر من مظاهر أدب النّبوّة، حيث قالا: ﴿فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فكأنّ هناك مَنْ هم أفضل مِنّا، وليس التّفضيل حجْراً علينا، وهذا من تواضعهما عليهما السّلام.