هذا القول هو مشكلة كلّ الدّنيا وما زلنا حتّى الآن وفي كلّ لحظةٍ إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها سنناقش هذه القضيّة وهي قضيّة: ﴿وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾، لماذا تقولون: حياتنا الدّنيا؟ طالما هي حياةٌ دنيا فهذا يعني أنّ هناك حياةً عُليا مقابلها.
﴿وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾: ما هو الدّليل على أنّكم غير مبعوثين إلى يوم القيامة وإلى الحساب والعقاب؟ الدّليل بالنّسبة لنا الّذي نقوله هو الدّليل على وجود الله سبحانه وتعالى، فنحن نناقش بالقمّة، نناقش موضوع وجود الله سبحانه وتعالى، فإذا ثبت علميّاً وعقليّاً وإيمانيّاً وجوده سبحانه وتعالى، وصدق البلاغ عنه عزَّ وجلّ من قِبل الرّسل عليهم السَّلام، فإذاً علينا أن نؤمن إيماناً مطلقاً بعد أن حاكمنا العقل والحجّة والبرهان وعرفنا بأنّ هذا الوجود له موجدٌ، وأنّه موجد الوجود، وأنّ الأثر يدلّ على المؤثّر، وأنّه لا يمكن أن يوجد هذا الكون بهذا الاتّساع وهذا النّظام من دون فاعلٍ ومن دون موجدٍ، ونؤمن بأنّ هذا الرّسول جاء وهو صادقٌ وأمينٌ وبلّغ القرآن الكريم وتحدّى البشريّة بصدق القرآن الكريم وببلاغته وعلومه وبما ورد فيه، وإلى هذه السّاعة ما استطاع أحدٌ أن يُنكر أيّ آيةٍ في القرآن الكريم، أو أن يقول: هذه الآية قد تصادمت مع العلم الحقيقيّ والعلم الثّابت التّجريبيّ، ولكن الّذي حدث أنّهم كما أخبر جلّ وعلا: ﴿وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾: فهم يتمنّون ألّا يبعثوا ليرتكبوا كلّ الموبقات والشّهوات ويتفلّتوا من كلّ الضّوابط، وألّا يوجد يوم حسابٍ، والّذي هو الأساس بالنّسبة للإيمان، فإذا آمنت بالله سبحانه وتعالى فيجب أن تؤمن بأنّ هناك يوماً آخر، وأنّ الله تبارك وتعالى ما خلقنا عبثاً، فهناك ظالمٌ وهناك مظلومٌ، هناك قاتلٌ وهناك مقتولٌ، هناك سارقٌ وهناك مسروقٌ، هناك فقيرٌ تحمّل وهناك غنيٌّ أسرف.. كلّ هذا كما أخبر سبحانه وتعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء]، هذا هو اليوم الّذي يهربون منه.