﴿وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي﴾: خشي فرعون من كلام موسى عليه السلام على قومه، فأراد أن يُذكِّرهم بألوهيّته، وأنّه لم يتأثّر بما سمع من موسى عليه السلام: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي﴾، يعني: إيّاكم أنْ تصدّقوا كلام موسى، فأنا إلهكم، وليس لكم إله غيري، ثمّ يؤكّد هذه الألوهيّة، فيقول لهامان وزيره:
﴿فَأَوۡقِدۡ لِي يَٰهَٰمَٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجۡعَل لِّي صَرۡحاً لَّعَلِّيٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ﴾: وفي موضع آخر قال: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾[غافر: الآية 36- من الآية 37]، وكأنّه يريد أن يُرضي قومه، فها هو يريد أنْ يبحث عن الإله الّذي يدَّعيه موسى، وكأنّه إنْ بنى صرحاً واعتلاه سيرى ربّ موسى، لكن هل بنى له هامان هذا الصّرح؟ لم يَبْن له شيئاً، ممّا يدلّ على أنّ المسألة هَزْل في هَزْل، وضحك على القوم الّذين استخفّهم ولعِب بعقولهم، وإلّا، فما حاجتهم لحرق الطّين ليصير هذه القوالب الّتي نراها ونبني بها الآن وعندهم الحجارة الّتي بنَوْا بها الأهرامات، وصنعوا منها التّماثيل؟ وعمليّة حَرْق الطّين تحتاج إلى كثير من الوقت والجهد، فالمسألة كسب الوقت من الخَصْم، وتخدير الملأ من قومه.
﴿لَّعَلِّيٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ﴾: وقبل أنْ يصل إلى حكم فيرى إله موسى أو لا يراه، يبادر بالحكم على موسى عليه السّلام: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُۥ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ ليصرف ملأه عن كلام موسى عليه السّلام.