الآية رقم (41) - وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ

﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةً﴾: أئمّة: جمع إمام، وهو مَنْ يُؤتَمّ به، والمأموم أسيرُ إمامه، فلو كنّا في الصّلاة لا نركع حتّى يركع، ولا نرفع حتّى يرفع، فمتابعتنا له واجبة، فإنْ أخطأ وجب على المأموم أنْ يُنبِّهه وأن يُذكِّره، يقول له: سبحان الله، فنحن مأمومون له في الحقّ فقط، فإنْ أخطأ عدَّلْنا له، والإمام أُسْوة وقدوة للمأمومين في الخير ومنهج الحقّ، كما قال تعالى في حَقِّ نبيّه إبراهيم عليه السّلام: ﴿وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة]، وقد تكون الإمامة في الشّرّ، كهذه الّتي نتحدّث عنها عن فرعون وقومه: ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةً يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ﴾، فهم أُسْوة سيّئة وقدوة للشّرّ، وقد جاء في الحديث الشّريف عن سيّدنا رسول الله ﷺ أنّه قال: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»([1])، ويقول تعالى في أصحاب القُدوة السّيّئة: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾[النّحل: من الآية 25]، فكان فرعون وملؤه أسوة في الشّرّ، وأسوة في الضّلال والإرهاب والجبروت، وكذلك سيكونون في الآخرة أئمّة وقادة، لكن إلى النّار.

﴿وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾: هذا قانون إلهيّ.

([1]) صحيح مسلم: كتاب العِلْمِ، بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً وَمَنْ دعا إلى هُدىً أو ضلالةٍ، الحديث رقم (1017).

«وَجَعَلْناهُمْ» الواو حرف عطف وماض وفاعله ومفعوله الأول

«أَئِمَّةً» مفعول به ثان، والجملة معطوفة على ما قبلها

«يَدْعُونَ» مضارع وفاعله

«إِلَى النَّارِ» متعلقان بالفعل والجملة صفة أئمة والواو حرف عطف

«وَيَوْمَ» ظرف زمان

«الْقِيامَةِ» مضاف إليه

«لا» نافية

«يُنْصَرُونَ» مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة معطوفة على ما قبلها