الآية رقم (91) - وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ

لماذا يأتي ذِكْر السّيّدة مريم ضمن مواكب النّبوّة؟ نقول: لأنّ النّبوّة اصطفاء الله سبحانه وتعالى لنبيّ من بين خَلْقه عزَّ وجلّ، وكوْنه يصطفي مريم من بين نساء العالمين لتلد من غير ذكورة، فهذا نوع من الاصطفاء، وهو اصطفاء خاصّ بمريم وحدها من بين نساء العالمين: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران]، ونلاحظ أنّ اصطفاء الله سبحانه وتعالى للأنبياء يتكرَّر، ففي كلّ مرحلة نبيّ، أمّا اصطفاء مريم لهذه المسألة فلم يتكرّر في غيرها أبداً.

﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾: يعني: عَفَّتْ وحفظتْ فَرْجها، فلم تمكِّن منها أحداً.

﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾: يعني: مسألة خاصّة به، خارجة على قانون الطّبيعة، فليس في الأمر ذكورة أو انتقاء، إنّما النّفخة الّتي نفخها الله عزَّ وجلّ في آدم، فجاءت منها هذه الأرواح كلّها، هي الّتي نفخها في مريم، فجاءت منها روح واحدة هو المسيح عليه السّلام، فالرّوح هي نفسها الّتي قال الله سبحانه وتعالى فيها: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾[الحجر: من الآية 29].

﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾: يعني: شيئاً عجيباً في الكون، والعجيبة فيها أن تلدَ من غير ذكورة، والعجيبة فيه أن يُولَد بلا أب، فكلاهما آية لله جلَّ جلاله ومعجزة.

ثمّ يقول الحقّ سبحانه وتعالى بعد سَرْد لقطات من موكب الأنبياء:

«وَالَّتِي» الواو عاطفة

«الَّتِي» اسم موصول في محل نصب مفعول به لفعل اذكر المحذوف والجملة معطوفة على ما سبق

«أَحْصَنَتْ فَرْجَها» ماض والتاء للتأنيث فاعله مستتر ومفعول به والجملة صلة لا محل لها

«فَنَفَخْنا» الفاء عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة

«فِيها» متعلقان بنفخنا

«مِنْ رُوحِنا» متعلقان بنفخنا ونا مضاف إليه

«وَجَعَلْناها» ماض وفاعله ومفعوله الأول

«وَابْنَها» معطوف على الهاء بجعلناها أو مفعول معه

«آيَةً» مفعول به ثان

«لِلْعالَمِينَ» اللام جارة والعالمين اسم مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والجملة معطوفة على ما سبق.