الآية رقم (64) - وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا

﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ ﴾: والبيتوتة تكون باللّيل، حين يأوي الإنسان إلى بيته بعد عناء اليوم وسَعْيه، وبعد أن تقلَّب في ألوان شتَّى من نِعَم الله تعالى عليه، فحين يأوي إلى مبيته يتذكّر نِعَم الله تعالى الّتي تجلَّتْ عليه في ذلك اليوم، وهي نِعَم ليست ذاتيّة فيه، إنّما موهوبة له من الله تعالى؛ لذلك يتوجّه إليه عزَّ وجلَّ بالشّكر عليها، فيبيت لله عزَّ وجلَّ ساجداً وقائماً، كما قال تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزّمر: من الآية 9]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذّاريات]، لكن، أيطلبُ اللهُ عزَّ وجلَّ منَّا ألّا نهجعَ باللّيل، وقد قال في آيةٍ أخرى: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾[النّبأ]، قالوا: ليس المراد قيام اللّيل كلّه، إنّما جزء منه حين تجد عندك النّشاط للعبادة، كما قال الحقّ عزَّ وجلَّ في خطاب النّبيّ ﷺ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾[المزّمّل]، حتّى قال ابن عبّاس 8: “مَنْ صلّى بعد العشاء ركعتين فأكثر كان كَمَنْ بَاتَ لله عزَّ وجلَّ ساجداً وقائماً”، فربُّك يريد منك أن تذكره قبل أن تنام، وأن تتأمّل نِعَمه عليك فتشكره عليها.

وذكر عزَّ وجلَّ حالتي السّجود والقيام: ﴿سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾؛ لأنّ بعض النّاس يصعُب عليهم أنْ يسجدوا، وآخرين يسهل عليهم السّجود، ويصعب عليهم القيام، فذكَر الله عزَّ وجلَّ الحالتين.

«وَالَّذِينَ» عطف على الذين السابقة

«يَبِيتُونَ» الجملة صلة

«لِرَبِّهِمْ» متعلقان بسجدا

«سُجَّداً» حال

«وَقِياماً» معطوفة على سجدا