﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ﴾: الأمانة: كلّ ما استُؤمِنْت عليه، وأوّل شيء استؤمِنّا عليه عهد الإيمان بالله تعالى الّذي أخذه الله جلَّ جلاله علينا، وما دُمْنا قد آمنّا بالإله فعلينا أن ننفِّذ أوامره.
إذن: هناك أمانة للحقّ وأمانة للخَلْق، أمانة الحقّ الّتي قال الله تعالى عنها: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب]، فما دُمْتَ قد قبلت تحمُّل الأمانة، فعليك الأداء.
﴿وَعَهْدِهِمْ﴾: العهد: كلّ ما يتعهّد به الإنسان في غير معصية، ويلزمه الوفاء بما عاهد به؛ لأنّك حين تُعَاهِد إنساناً على شيء فقد ربطْتَ حركته وقيّدتها في دائرة إنفاذ هذا العهد، فحين تقول لي: سأقابلك غداً في المكان الفلانيّ في الوقت الفلانيّ لعمل كذا وكذا، فإنّني سأُرتِّب حركة حياتي بناءً على هذا الوعد، فإذا أخلفتَ وعدك، فقد أطلقتَ نفسك في زمنك وتصرّفت حسْب راحتك، وقيَّدْت حركتي في زمني وضيَّعت مصالحي، وأربكت حركة يومي؛ لذلك شدَّد الإسلام على مسألة خُلْف الوعد.
﴿رَاعُونَ﴾: يعني يحافظون عليها، ويراعونها بالتّنفيذ.