الآية رقم (237) - وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

إذا حدث الطّلاق بين الرّجل والمرأة قبل الدّخول وبعد العقد يدفع الرّجل نصف المهر، هذا هو حكم الشّرع.

(إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ): إلّا أن يتمّ العفو والسّماح عن طيب خاطر وعن تراض بين الرّجل وبين المرأة أو الّذي بيده عقدة النّكاح.

(وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ): إذا عفا الإنسان عن حقّه فهو أقرب للتّقوى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آل عمران: من الآية 134]، والتّقوى هي جماع كلّ الخير، لذلك قلنا: إنّ الأُسر الإسلاميّة بُنيت على تقوى الله سبحانه وتعالى.

(وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ): الفضل هو فوق العدل، دائماً الفضل هو الزّائد، ونحن ندخل الجنّة بفضل الله سبحانه وتعالى، ولا ندخلها بموجب حسنات أعمالنا، وكلّ ما نفعل من حسنات لا تتساوى أمام نعمة واحدة من نعم الله علينا، لذلك قال سبحانه وتعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس]، إذاً هو فضل، والفضل فوق العدل، والمولى سبحانه وتعالى يذكّر الرّجل والمرأة، يذكّر الأسرة عند الشّقاق وعند الطّلاق أن لا ننسى الفضل، ليست القضيّة فقط قضيّة عدل بالنّسبة للحقوق بين الرّجل والمرأة، لكنّها أرفع وأسمى وأعلى وأعظم في بناء العلاقات الإنسانيّة وفي بناء علاقات الزّواج بين الرّجل والمرأة، والحفاظ على حقوق المرأة والطّفل والرّضيع، فذكّر الله سبحانه وتعالى النّاس في ختام هذه الآية بأن يشيع الفضل بينهم وهذا هو المطلوب.

«وَإِنْ» الواو عاطفة «إِنْ» شرطية جازمة «طَلَّقْتُمُوهُنَّ» فعل ماض والتاء فاعل والهاء مفعول به وحركت الميم بالضم للإشباع، وهو فعل الشرط «مِنْ قَبْلِ» متعلقان بالفعل قبلهما «أَنْ تَمَسُّوهُنَّ» المصدر المؤول من الفعل وأن الناصبة في محل جر بالإضافة. «وَقَدْ» الواو حالية قد حرف تحقيق «فَرَضْتُمْ» فعل وفاعل «لَهُنَّ» متعلقان بفرضتم «فَرِيضَةً» مفعول به «فَنِصْفُ» الفاء رابطة لجواب الشرط نصف خبر لمبتدأ محذوف تقديره فالواجب نصف أو مبتدأ والتقدير فعليكم نصف والجملة في محل جزم جواب الشرط.

«ما فَرَضْتُمْ» ما اسم موصول في محل جر بالإضافة، والجملة صلة الموصول «إِلَّا» أداة حصر أو استثناء «إِنْ» حرف مصدري ونصب «يَعْفُونَ» مضارع مبني على السكون ونون النسوة فاعل والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال والتقدير: فنصف ما فرضتم إلا حال عفوهن «أَوْ» حرف عطف «يَعْفُوَا» فعل مضارع منصوب بالفتحة معطوف «الَّذِي» اسم موصول فاعل «بِيَدِهِ» متعلقان بمحذوف خبر «عُقْدَةُ» مبتدأ مؤخر «النِّكاحِ» مضاف إليه والجملة صلة الموصول «وَإِنْ»

الواو استئنافية «أَنْ تَعْفُوا» المصدر المؤول من الفعل وأن الناصبة في محل رفع مبتدأ تقديره: والعفو …

«أَقْرَبُ» خبر «لِلتَّقْوى» متعلقان بأقرب «وَلا تَنْسَوُا» الواو عاطفة لا ناهية جازمة تنسوا فعل مضارع مجزوم والواو فاعل «الْفَضْلَ» مفعول به «بَيْنَكُمْ» ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الفضل والجملة معطوفة.

«إِنَّ اللَّهَ» إن ولفظ الجلالة اسمها «بَصِيرٌ» خبرها «بِما» متعلقان ببصير، وجملة «تَعْمَلُونَ» صلة الموصول وجملة «إِنَّ اللَّهَ» تعليلية لا محل لها.

إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ: لكن إذا ترك الزوجات المطلقات حقهن

أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ: وهو الولي يعني: إلا أن تعفو المطلقات عن أزواجهن، فلا يطالبنهم بنصف المهر، إن كنَّ مالكات أنفسهن، أو يسقط الولي الذي يلي عقد النكاح ما وجب للمطلقات قبل الدخول من نصف الصداق، إن لم يكنّ مالكات أنفسهن.

والولي: هو الأب في ابنته البكر، وهو رأي مالك وابن عباس وجماعة من التابعين.

وقيل: هو الزوج، وعفوه: تركه ما يعود إليه من نصف المهر الذي أعطاه للمرأة. ويكون المعنى: إلا أن يعفو المطلقات، أو يعفو الزوج عن نصف الصداق، فيجعل المهر كله لها، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي في قوله الجديد، والثوري وابن شبرمة والأوزاعي، وهو رأي علي وشريح وسعيد بن المسيب

وحجتهم: أنَّ الله قال: (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) وليس إعطاء المرء مال غيره فضلا، فلا ينطبق على الولي.

وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ: أي أن يتفضل بعضكم على بعض

والفضل: المودة والصلة.

إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خبير: بأعمالكم، فيجازيكم عليها.