الآية رقم (238) - حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ

كانت الآيات تتحدّث عن الطّلاق ثمّ دخلت آية لا تتعلّق بأحكام الأسرة ولا بأحكام الطّلاق، وإنّما هذه الآية تتعلّق بالصّلاة: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ)، فلو كان القرآن من وضع إنسان فإنّه يتوخّى أن يكون هناك تسلسل في المواضيع، هذا لو كان من لدن بشر، فأمّا وأنّه إعجاز وهو من ربّ البشر، فالسّياق يختلف؛ لأنّ هناك وحدة في التّكاليف الإيمانيّة أوّلاً، وطالما أنّ الحديث عن الطّلاق وهو أبغض الحلال عند الله، وطالما أنّ الطّلاق يؤدّي إلى تنافر وإلى شقاق، فيحتاج المجتمع وتحتاج المرأة ويحتاج الرّجل وتحتاج الأسرة إلى السّكينة أمام هذا الشّقاق، فما الّذي يحقّق السّكينة في المجتمع ويُسبل ثوب القبول والاطمئنان والرّضى على الإنسان؟

إنّها الصّلاة، لذلك كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا حزبه أمر كان يفزع إلى الصّلاة، وكان يقول: «يا بلال، أقم الصّلاة، أرحنا بها»([1])،  إذاً أرحنا بها من كلّ هموم الحياة، فكيف إذا كان الهمّ هو همّ انفصام عرى الأسرة، ومشاكل بين الرّجل والمرأة، ومشاكل داخل الأسرة، فإذاً لا بدّ من اللّجوء إلى الله سبحانه وتعالى الّذي شرع الطّلاق وشرع أحكام الطّلاق، لنعيد التّوازن إلى النّفوس فيعود الاطمئنان إلى قلب الرّجل والمرأة.

«حافِظُوا» فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل «عَلَى الصَّلَواتِ» متعلقان بحافظوا «وَالصَّلاةِ» عطف على الصلوات «الْوُسْطى» صفة «وَقُومُوا» عطف على حافظوا «لِلَّهِ» لفظ الجلالة مجرور باللام متعلقان بقانتين «قانِتِينَ» حال منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم وجملة «حافِظُوا» اعتراضية «وَقُومُوا» معطوفة عليها

حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ: داوموا على الصلوات الخمس بإتقان وأداء في أوقاتها وإتمام أركانها وشروطها مع خشوع القلب، دون تضييع ولا عجلة ولا تأجيل.

الصَّلاةِ الْوُسْطى: من الوسط:وهو العدل والخيار

والوسطى: الفضلى، ويحتمل أنها وسط أو متوسطة في العدد، لأنها متوسطة بين صلاتين قبلها وصلاتين بعدها، وقيل: إنها وسط من الوقت.

والراجح من الأقوال: أنَّها صلاة العصر، لمارواه أحمد ومسلم وأبو داود عن علي مرفوعا يوم الأحزاب:

«شغلونا عن الصلاة الوسطى- صلاة العصر»

وروى أحمد والشيخان: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال في هذا اليوم:

«ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى، حتى غابت الشمس» ولم يذكر العصر.