﴿وَإِذْ﴾: ظرف زمانٍ، أي اذكر يا محمّد في الزّمن الّذي مكر بك الكفّار.
﴿يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: المكر هو التّدبير بخفاء، هم قرّروا ثلاثة أمور قبل أن يهاجر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من مكّة إلى المدينة المنوّرة، اجتمعوا في دار النّدوة وتباحثوا بينهم، فمنهم من طلب أن يثبتوه عن الحركة حتّى لا يستطيع أن يدعو النّاس إلى الإسلام، ومنهم من قال: نجعل مجموعة من ممثّلي القبائل يقتلونه فيتفرّق دمه بين القبائل، ومنهم من قال: بل نخرجه خارج مكّة، ثمّ اتّفقوا على أن يختاروا من كلّ قبيلةٍ رجلاً من أشدّ رجالها فيضربونه ضربة رجلٍ واحدٍ فيتفرّق دمه بين القبائل، وأحاطوا بمنزل النّبيّ : في يوم الهجرة وخرج صلّى الله عليه وسلّم من بين أظهرهم وهو يقرأ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [يس]، فهذه الآية تتحدّث عن الوقت الّذي بيّت المشركون بخفاءٍ للنّبيّ إمّا التّثبيت وإمّا القتل وإمّا الإخراج.
﴿وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾: لا يجوز أن نأخذ الاسم من الفعل فنقول: الله ماكر، فأسماء الله سبحانه وتعالى توقيفيّة، فمكر الله جلّ جلاله هنا هو ردّ تدبيرهم بإحاطته سبحانه وتعالى علماً بما يدبّرون، إذاً هم يمكرون ويبطل الله سبحانه وتعالى مكرهم، فهو خير الرّادّين للمكر عن رسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم.