الآية رقم (16) - وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا

هذا حديث الفتية بعضهم إلى بعض: ما دُمْنا اعتزلنا أهل الكفر، ونأينا عن طريقهم، وسلكنا مسلكَ الإيمان بالله سبحانه وتعالى الّذي يسَّره الله جل جلاله لنا، فهيا بنا إلى الكهف نلجأ إليه ونحتمي فيه فراراً بديننا، ومخافة أن يفتننا القوم عن ديننا.

ويلفتنا هنا إلى فرار هؤلاء الفتية ليس إلى بلدٍ آخر فيه مُتّسع للحياة، بل إلى كهفٍ ضيّقٍ في جبلٍ في صحراء، وليس به مُقوّم من مُقوّمات الحياة؛ لذلك ينبّهنا الله سبحانه وتعالى: إيّاك أن تقول: إنّ الكهف ضيّق، وكيف يعيشون فيه؟ لأنّهم هاجروا إلى الله سبحانه وتعالى ولجؤوا إليه وتوكّلوا عليه، لذلك قال بعدها:

﴿ يَنْشُرْ لَكُمْ﴾: فالضّيق يقابلُه البَسْط والسّعة، لقد قالوا هذه الكلمة وهم واثقون في رحمة الله سبحانه وتعالى معتقدون أنّ الّذي لجؤوا إليه لن يُسلمهم ولن يخذلهم، وسوف يُوسِّع عليهم برحمته ضيق الكهف وضيق الحياة، وقد وَسَّعه الله عز وجل عليهم فعلاً حين أنامهم، أَلاَ ترى النّائم لا تحدُّه حدود؟

﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴾: والمراد بالمرفق جمع مرافق، وهي مُقوّمات الحياة الّتي لا يستغني عنها الإنسان، فلمّا أنامهم الله سبحانه وتعالى أغناهم عن مرافق الحياة؛ لأنّهم إنْ ظلّوا في حال اليقظة فلا بدّ أنْ يحتاجوا إلى هذه المرافق.

«وَإِذِ» الواو استئنافية إذ ظرف زمان متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر

«اعْتَزَلْتُمُوهُمْ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة مضاف إليها

«وَما» الواو عاطفة وما موصولية

«يَعْبُدُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة

«إِلَّا» أداة حصر

«اللَّهَ» لفظ الجلالة مفعول به

«فَأْوُوا» الفاء الفصيحة وفعل أمر وفاعله والجملة لا محل لها

«إِلَى الْكَهْفِ» متعلقان بأووا

«يَنْشُرْ» مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب

«لَكُمْ» متعلقان بينشر

«رَبُّكُمْ» فاعل والكاف مضاف إليه

«مِنْ رَحْمَتِهِ» متعلقان بينشر والهاء مضاف إليه

«وَيُهَيِّئْ» معطوف على ينشر

«لَكُمْ» متعلقان بيهيء

«مِنْ أَمْرِكُمْ» متعلقان بمحذوف حال والكاف مضاف إليه

«مِرفَقاً» مفعول به.

مِرفَقاً: ما يرتفق به.